وقد ذكر عباس حسن " أن هناك صور أخرى يجوز فيها تقديم اللقب على الاسم، وذلك أن يكون اجتماعهما على سبيل إسناد أحدهما للآخر، أي الحكم على أحدهما بالآخر سلبا أو إيجابا، ففي هذه الحالة يتأخر المحكوم به، ويتقدم المحكوم عليه.
فإذا قيل: من زين العابدين؟ فأجبت: زين العابدين بن على.
فهنا يتقدم اللقب لأنه المعلوم الذي يراد الحكم عليه بأنه علي، ويتأخر الاسم لأنه محكوم به.
وإذا قيل: من علي الذي تمدحونه؟ فأجبت: على زين العابدين.
فيتقدم الاسم هنا لأنه المعلوم الذي يراد الحكم عليه، ويتأخر اللفظ لأنه محكوم به " (1).
2 ـ إذا اجتمع الاسم مع اللقب، وكانا مفردين وجب فيهما الإضافة، وهو مذهب جمهور البصريين.
نقول: عمر الفاروق أمير المؤمنين. وكان هارون الرشيد عادلا.
فالفاروق والرشيد لقبان أضيف كل منهما إلى صاحب اللقب.
أما الكوفيون فيجيزون الإتباع. فإذا جاء الاسم مرفوعا جاء لقبه متبوعا.
نحو: توفي عمر الفاروق مقتولا. وصافحت محمدا الأعرج.
فالفاروق والأعرج كل منهما لقب جاء تابعا لصاحبه، فالأول بدل أو عطف بيان مرفوع لأن صاحبه
ــــــــــــــ
1 ـ النحو الوافي ج1 ص284.
فاعل مرفوع، والثاني بدل أو عطف بيان منصوب لآن صاحبه مفعول به منصوب.
وأرى أن اللقب مادام قد استوفى شروط الإضافة إلى الاسم، كأن يكون المضاف غير معرف بأل، ولا يكون المضاف والمضاف إليه بمعنى واحد، جازت الإضافة وكانت من باب الإضافة اللفظية، لا من باب الإضافة المعنوية التي يعرف فيها المضاف، والعلة في ذلك أن اللقب متحد مع اسمه في المعنى ظاهريا، ولكنهما مختلفان تأويلا، فالأول يراد به الاسم المجرد، والثاني يراد به المسمى، كما أن بإضافة الاسم إلى اللقب يصبحان كالاسم الواحد، ويفقد الاسم ما فيه من تعريف العلمية، ولكن الإتباع أحسن، حتى لا نقع في مشكلة التأويل.
3 ـ وإن كانا مركبين. نحو: عبد الله أنف الناقة.
أو مركبا ومفردا. نحو: عبد الله الأحدب.
أو مفردا ومركبا. نحو: على زين العابدين.
وجب الإتباع. أي إتباع الثاني للأول.
فإذا قلنا: جاء عبد الله أنف الناقة. ورأيت عبد الله الأحدب.
ومررت بعلي زين العابدين.
كان اللقب " أنف الناقة " مرفوعا بالإتباع في المثال الأول، و " الأحدب " منصوبا في المثال الثاني، و " زين العابدين " مجرورا في المثال الثالث.
ونعني بالإتباع البدلية، أو عطف البيان، أو توكيدا لفظيا بالمرادف.
4 ـ يجوز في اللقب القطع على الرفع، أو النصب.
فالرفع على إضمار مبتدأ. نحو: هذا عبد الله أنف الناقة.
فاللقب " أنف الناقة " خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هو أنف الناقة.
والنصب على إضمار فعل. نحو: جاء عبد الله الأحدبَ.
فاللقب " الأحدب " مفعول به لفعل مقدر، والتقدير أعني الأحدب.
وتكون حالات القطع كالآتي:
1 ـ يقطع مع المرفوع إلى النصب. نحو: فاز عبدُ اللهِ رجلَ الحقِ.
2 ـ يقطع مع المنصوب إلى الرفع. نحو: صافحت خليلا أحدبُ الدهرِ.
3 ـ ويقطع مع المجرور الرفع أو النصب.
نحو: مررت بعبد الله السفاحُ، أو السفاحَ.
والخلاصة أن القطع يعني مخالفة الثاني، أو الثاني والثالث إن وجد للأول في إعرابه كما أوضحنا، ومنه عند اجتماع الاسم واللقب والكنية.
نقول: كان أبو حفص عمرَ الفاروقَ. بقطع الاسم واللقب على النصب، لأن الكنية جاءت مرفوعة. وكذلك إذا تقدم الاسم انقطع ما بعده إلى ما يخالف إعرابه. نحو: إن عمرَ الفاروقُ أبو حفص الخليفةُ الثاني للمسلمين.
عمر: اسم إن منصوب بالفتحة، والفاروق مقطوع على الرفع خبر لمبتدأ محذوف. تقديره: هو. وأبو بدل، أو عطف بيان من الفاروق، وحفص مضاف إليه.
والخليفة: خبر إن مرفوع، والثاني صفة للخليفة، وللمسلمين جار ومجرور متعلقان بالخليفة.
2 ـ الاسم والكنية:
لا ترتيب للكنية مع الاسم. فيجوز تقديمها، كما يجوز تأخيرها.
نحو: عمر أبو حفص خليفة عادل.
وأبو حفص عمر خليفة عادل.
والأشهر تقديم الكنية على الاسم. نحو: أبو بكر عبد الله بن أبي قحافة.
3 ـ اللقب والكنية:
لا ترتيب بين اللقب والكنية، فيجوز تقديم إحداهما على الآخر.
نحو: الصديق أبو بكر أول الخلفاء الراشدين.
¥