فمنهم من جعل الفعل ترك متعديا لمفعولين أحدهما بنفسه، والآخر بوساطة حرف الجر، فأعربوا الضمير في " وتركهم " في محل نصب مفعول به أول، وفي ظلمات جار ومجرور متعلقان بمحذوف مفعول به ثان لـ " ترك "، باعتبار ترك بمعنى " صير " {1}.
ومنهم من اعتبر ترك متعديا لمفعول به واحد، وهو الأوجه.
وأعرب " في ظلمات " جار ومجرور متعلقان بالفعل {2}، وجملة يبصرون في آخر الآية في محل نصب حال من الضمير في " تركهم ".
ومنهم من جعل جملة يبصرون في محل نصب مفعول به ثان، ولا أرى ذلك صوابا، لأن الصواب نصبه على الحالية {3}.
وخلاصة القول أن الفعل " ترك " في هذا الموضع لم يتضمن معنى " صير "، وإنما هو بمعنى الطرح والتخلي عن الشيء، كترك العصا، أو ترك الوطن، وما إلى ذلك، وعليه اكتفى بمفعول به واحد، وهو ضمير الغائب المتصل به، والجار والمجرور متعلق بترك وليس مفعولا به ثانيا.
غير أن العكبري جعل " ترك " في هذا الموضع بمعنى " صير "، واعتبر الجار والمجرور هو المفعول الثاني، وجملة يبصرون حال، هذا أحد الوجوه، والوجه الأخر عنده: أنه جعل يبصرون هو المفعول الثاني، وفي ظلمات ظرف متعلق بالفعل ترك، أو يبصرون، وجوز أن يكون شبه الجملة في محل نصب حال من الضمير في يبصرون، أو من المفعول به الأول {4}، وعليه لا ندري أين الصواب.
ـــــــــــــــ
1 ـ تفسير القرآن الكريم وإعرابه للشيخ محمد طه الدرة مجلد 1 ج 1 ص 44.
2 ـ دروس في إعراب القرآن الكريم للدكتور عبده الراجحي ج3 ص 25.
3 ـ مشكل إعراب القرآن لمكي القيسي ج1 ص 80، وإعراب القرآن للنحاس ج1 ص 193.
4 ـ إملاء ما من به الرحمن للعكبري ج1 ص 21.
سافرت مكة.
سافرت: فعل وفاعل.
مكة: منصوب على تقدير حرف الجر المحذوف، وأصله: سافرت إلى مكة.
12 ـ قال الشاعر:
تمرون الديار ولم تعوجوا كلامكم عليّ إذن حرام
تمرون: فعل مضارع مرفوع بثبوت النون، وواو الجماعة في محل رفع فاعله.
الديار: منصوب على نزع الخافض، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وأصله تمرون بالديار، وجملة تمرون ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
ولم تعوجوا: الواو للحال، ولم حرف نفي وجزم وقلب، وتعوجوا فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف النون، وواو الجماعة في محل رفع فاعل، وجملة تعوجوا في محل نصب حال.
كلامكم: مبتدأ، والكاف في محل جر بالإضافة.
علىّ: جار ومجرور متعلقان بحرام.
إذن: حرف جواب وجزاء مبني على السكون لا محل له من الإعراب.
حرام: خبر مرفوع بالضمة.
الشاهد قوله: تمرون الديار، حيث حذف حرف الجر، وأوصل الفعل اللازم إلى السم الذي كان مجرورا فنصبه، والأصل: تمرون بالديار.
112 ـ قال تعالى: {واشكروا لي ولا تكفرون}.
واشكروا: الواو حرف عطف، اشكروا فعل أمر مبني على حذف النون، وواو الجماعة ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل، والجملة معطوفة على ما قبلها.
لي: جار ومجرور متعلقان بـ " اشكروا "، وهذا هو الوجه الصحيح في إعراب الجار والمجرور سواء أكان الفعل متعديا أو لازما.
والفعل شكر ذكرنا أنه يتعدى بنفسه، فنقول: شكرتك على صنيعك، ويتعدى بحرف الجر كما هو في الآية السابقة، وفي رأيي المتواضع أن التعدي هنا لا يتجاوز المعنى، أما العمل في مواضع إعراب الجار والمجرور فلا. إذ لا ينبغي أن نقول: والجار والمجرور في محل نصب مفعول به، فإعرابه جارا ومجرورا وتعلقه في المعنى بعامله يكفي، والله أعلم.
ولا تكفرون: الواو عاطفة، ولا ناهية جازمة، تكفرون مجزوم بلا، وعلامة جزمه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة، والنون للوقاية، والياء المحذوفة لمناسبة فواصل الآي في محل نصب مفعول
به، والكسرة المرسومة تحت النون دليل عليها، إذ الأصل تكفرونني، وواو الجماعة في محل رفع فاعل، والجملة معطوفة على ما قبلها.
ثانيا ـ الفعل المتعدي
تعريفه: كل فعل يتجاوز فاعله ليأخذ مفعولا به أم أكثر، إذ إن فهمه لا يقف عند حدود الفاعل، بل لا بد له من مفعول به ليكمل معناه بلا وساطة.
نحو: أكل الجائع الطعام، وكسر المهمل الزجاج.
أنواعه: ـ
ينقسم الفعل المتعدي إلى ثلاثة أنواع: ـ
1 ـ فعل يتعدى إلى مفعول به واحد. وسنتحدث عنه مع المفعول به.
¥