لقد تحدث أساتذتنا الكرام فأجادوا، وبينوا فأفادوا، فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
وقد نازعتني نفسي لأدلي بدلوي، والجديد في كلامي ليس حكمًا ولا رأيا وإنما هو جمع وترتيب وتوثيقٌ لما ذُكر ليس غير.
* غير من الأسماء التي تلزم الإضافة إلى المفرد، ولها أربعة أحوال، تعرب في ثلاثة منها وتبنى في حالة واحدة، ذكرها ابن عقيل وغيره في باب الإضافة عند الحديث عن الأسماء اللازمة للإضافة.
والإضافة كما يُعلم هي أحد أمرين يتعرف أو يتخصص بهما الاسم والثاني منهما هو دخول (أل) على الاسم المراد تعريفه.
والتعريف أو التخصيص الذي يكتسبه المضاف من المضاف إليه إنما يكون في الإضافة المحضة الخالصة من نية الانفصال، إو الإضافة المعنوية التي تفيد الاسم المضاف أمرا معنويًا وهو التعريف إن كان المضاف إليه معرفة والتخصيص إن كان نكرة.
** لماذا لا يصح أن تجتمع الألف واللام والإضافة في الاسم الواحد؟
يقول النحاة: تعاقب الألف واللام الإضافة، أي أن أحدهما يعقب الآخر على الاسم، ومعنى هذا أنهما لا يجتمعان في اسم واحد، فما العلة فيه؟ الجواب ما جاء في كتاب اللامات 1/ 51: " والعلة في امتناع اجتماع الألف واللام والإضافة هي أن الألف واللام يعرفان الاسم بالعهد والإضافة تعرف الاسم بالملك والاستحقاق ومحال جمع تعريفين مختلفين على اسم واحد "
فطالما أن كلمة (غير) تلزم الإضافة إلى المفرد، فلا يصح أن يجتمع مع الإضافة الألف واللام.
**ما يكتسبه غير من الاسم المضاف:
يكتسب الاسم المضاف عادة من المضاف إليه التعريف إن كان معرفة والتخصيص إن كان نكرة إلا كلمة غير ومثلها (مثل) و (شبه) فإنها لا تكتسب التعريف بل تستفيد منه تخصيصا كما ذكر ابن هشام في التوضيح3/ 87 والسبب في ذلك يرجع إلى معناها فهي كلمات موغلة في الإبهام، فمعنى المغايرة المدلول عليه بغير والمماثلة المدلول عليه بمثل معنيان غير منحصران، فلو قيل: " مررت برجل غيرك أو برجل مثلك "جاز أن يكون غيرك أو مثلك في الطول وفي الوزن واللون والعلم والجنسية وغيرها من الأشياء التي يكون بها الشيء مثل الشيء وهي أشياء فوق الحصر. أفاده ابن يعيش في شرح المفصل 2/ 125
** هل يمكن أن يكتسب (غير) من المضاف إليه التعريف؟
نعم قد يكتسب (غير) و (مثل) من المضاف إليه التعريف إذا وقعا بين متماثلين من كل وجه أو متغايرين من كل وجه، أي أن يكون الشيئان مختلفين تماما أو متشابهين تماما، نحو قوله تعالى: (اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) فالمراد بالذين أنعمت عليهم المؤمنون والمغضوب عليهم الكفار فهما مختلفان، ومن أمثلته قولنا: الحركة غير السكون، ومررت بالمتحرك غير الساكن والقائم غير القاعد. أشار إليه العكبري في: اللباب في علل البناء والإعراب 1/ 389، وذكره ابن يعيش في شرحه 2/ 126
** ما الأحكام المترتبة على عدم إفادة (غير) من المضاف إليه التعريف؟
توصف بها النكرات، نحو:" مررت برجلٍ غيرك ومثلك وشبهك. وتدخل عليها (رب) وهي حرف جر شبيه بالزائد يختص بالدخول على النكرات، كقول الشاعر:
يا رُبَّ مثلك في النساء غريرة ... .........................
ذكره الزمخشري في المفصل 1/ 117
الخلاصة التي تهم الأخ السائل أن دخول (أل) على (غير) مخالف للقواعد على ما ذكر.
هذا، والله أعلم
ـ[مدرسة الكوفة]ــــــــ[30 - 03 - 2003, 12:53 ص]ـ
تفاعل رائع من جميع الأخوان وهذا إنما يدل على سعة الاطلاع لدى جميع الأخوان. بارك الله بالجميع.
فلقد تبين مما سبق أن المعلومة و إن كانت صغيرة فهي تعني الشيء الكثير للآخرين.
ختاما أشكركم على هذا التفاعل غير المستغرب ((لم أقل الغير مستغرب)) الحمد لله.
ولكم مني أطيب تحية ...
ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[01 - 04 - 2003, 12:03 م]ـ
ذكر صاحب (النحو الوافي) أنّ مؤتمر المجمع اللغوي المنعقد بالقاهرة في دورته الخامسة والثلاثين
تصدى لبحث هذه المسألة، وارتضى الرأي القائل أنّ كلمة غير الواقعة بين ضدين تكتسب التعريف من المضاف إليه المعرفة، ويصح في هذه الصورة التي تقع فيها بين المتضادين وليست مضافة أن تقترن بأل فتستفيد التعريف.
ورجح الدكتور عبد العظيم فتحي خليل ـ الأستاذ بجامعة الأزهر ـ جواز دخول أل على غير إذا قطعت عن الإضافة، بشرط أن يراد بها معين، وتكون أل معها هي المعرّفة، فإذا رأيت إنساناً غير مستقيم يعظ شخصاً معروفاً، فقلت له: عظ نفسك قبل وعظ الغير.
كان دخول (أل) على غير في ذلك القول سائغاً وجائزاً، لأنّ المانع من دخول (أل) على غير هو الإضافة وقد زالت، ولأنّ ما في (غير) من شدة الإبهام قد زال بدلالتها على معين.
وممّا يقوي ذلك أنّ غيرا أضيفت إلى ستة أنواع من المعارف، وشأن (أل) في التعريف كشأن غيرها من المعرفات، فلو كان دخول أل عليها ممتنعاً لكونها لاتقبل التعريف لكان الواجب منع إضافتها إلى العلم واسم الموصول واسم الإشارة وسائر المعارف.
ينظر الكتاب الماتع: أحكام غير وأوجه استعمالها في اللغة العربية دراسة نحوية تطبيقية للدكتور عبد العظيم فتحي خليل ص 35.
وما زال في الجعبة ما فيها لعلي انثره قريباً.
¥