تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وابتدأ خطبته فقرأ قوله تعالى: {أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيع آيَة تَعْبَثُونَ , وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِع لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ ,وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ , فَاتَّقُوا اللَّه وَأَطِيعُونِ, وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ, أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ ,وَجَنَّات وَعُيُون ,إِنِّي أَخَاف عَلَيْكُمْ عَذَاب يَوْم عَظِيم}

ثم مضى في ذم الإسراف على البناء بكل كلام جزل وقول شديد, ثم تلا قوله تعالى: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}

و أخذ يحذر وينذر ويحاسب ,حتى ادكر من حضر من الناس وخشعوا وأخذ الناصر من ذلك بأوفر نصيب , وقد علم أنه المقصود به فبكى وندم على تفريطه. غير أن الخليفة لم يحتمل صدره لتلك المحاسبة العلنيّة ولشدة ما سمع.

فقال شاكيا لولده الحكم: والله لقد تعمّدني بخطبته وما عنى بها غيري, فأسرف عليّ وأفرط في تقريعي .. ثم استشاط غيظا عليه متذكّرا كلماته وأراد أن يعاقبه لذلك!!

فأقسم أن لا يصلي خلفه صلاة جمعة, وجعل يلزم صلاتها وراء أحمد بن مطرف خطيب جامع قرطبة

ولكن لما رأى ولده الحكم تعلق بالزهراء والصلاة في مسجدها العظيم

قال له: ما الذي يمنعك من عزل المنذر عن الصلاة به إذا كرهته؟

فرد الناصر و زجره قائلا: أمثل المنذر بن سعيد في فضله وخيره وعلمه -لا أمّ لك- يُعزل لارضاء نفس ناكبة عن الرشد سالكة غير القصد!!

هذا ما لا يكون, وإني لأستحي من الله ألا أجعل بيني وبينه في صلاة الجمعة شفيعا مثل المنذر في ورعه وصدقه, ولكن أحرجني فأقسمت, ولوددت أن أجد سبيلا إلى كفارة يميني بملكي, بل يصلي منذر بالناس حياته وحياتنا إن شاء الله, فما أظن أنا نعتاض منه أبدا ومع مرور الأيام اشتدت الفجوة بين الشيخ المنذر بن سعيد والخليفة عبد الرحمن نتيجة محاسبة المنذر له في إسرافه على بناء الزهراء, أراد ولده الحكم أن يزيل ما بينهما فاعتذر له عند الخليفة

فقال: يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح وما أراد إلا خيرا, لو رأى ما أنفقت وحسن تلك البنية لعذرك - ويريد بالبنية هنا القبة التي بناها الناصر بالزهراء واتخذ قرامدها من فضة وبعضها من مغش بالذهب, وجعل سقفها نوعين صفراء فاقعة الى بيضاء ناصعة يستلب الأبصار شعاعها-

فلما قال له ولده ذلك أمر ففرشت بفرش الديباج وجلس فيها لأهل دولته

ثم قال لقرابته وزرائه: أرأيتم أم سمعتم ملكا كان قبلي صنع مثل ما صنعت؟

فقالوا: لا والله يا أمير المؤمنين, وإنك الأوحد في شأنك

فبينما هم على ذلك, إذ دخل المنذر بن سعيد ناكسا رأسه, فلما أخذ مجلسه قال له ما قال لقرابته, فأقبلت دموع المنذر تنحدر على لحيته لسوء ما رأى

وقال: والله يا أمير المؤمنين ما ظننت أن الشيطان يبلغ منك هذا المبلغ, ولا أن تمكنه من قيادتك هذا التمكن مع ما آتاك الله وفضلك به على المسلمين حتى ينزلك منازل الكافرين

فاقشعر الخليفة من قوله

وقال له: انظر ما تقول كيف أنزلني الله منازلهم؟

فقال: نعم, أليس الله يقول: {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ}

فوجم الخليفة ونكس رأسه مليا, وجعلا دموعه تنحدر على لحيته ثم أقبل على المنذر

وقال له: جزاك اله خيرا عنى وعن الدين خيرا, فالذي قلت هو الحق

ثم قام من مجلسه, وأمر بنقض سقف القبة وأعاده ترابا كما كانت.

ـ[همبريالي]ــــــــ[12 - 07 - 2010, 06:24 م]ـ

جزاك الله خيرا يا معاذ

ـ[معاذ بن ابراهيم]ــــــــ[12 - 07 - 2010, 11:16 م]ـ

وجزاك الله كل الخير همبريالى , مرور برائحة الياسمين

ـ[زهرة الزيزفون]ــــــــ[13 - 07 - 2010, 09:32 ص]ـ

معاذ إبراهيم , جزاك الله خير قصص رائع, اللهم أرنا الحق حقا وأرزقنا اتباعه , وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه.

ـ[معاذ بن ابراهيم]ــــــــ[13 - 07 - 2010, 07:08 م]ـ

جزاك الله خيرا أختى زهرة الزيزفون على المرور الطيب و تقبل الله دعائك

ـ[معاذ بن ابراهيم]ــــــــ[14 - 07 - 2010, 12:05 ص]ـ

بين شيخ الإسلام ابن تيمية وغازان

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير