تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين، حدثنا محمد بن أبي حماد، حدثنا إبراهيم بن المختار، عن ابن جريج قال: كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل ودمائها، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: فنحن أحق أن ننضح، فأنزل الله: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} أي: يتقبل ذلك ويجزي عليه.

كما جاء في الصحيح: "إن الله لا ينظر إلى صوركم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم" وما جاء في الحديث: "إن الصدقة تقع في يد الرحمن قبل أن تقع في يد السائل، وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض" كما تقدم الحديث. رواه ابن ماجه، والترمذي وحَسّنه عن عائشة مرفوعا. فمعناه: أنه سيق لتحقيق القبول من الله لمن أخلص في عمله، وليس له معنى يتبادر عند العلماء المحققين سوى هذا، والله أعلم.

وقال وَكِيع، عن [يحيى] بن مسلم أبي الضحاك: سألت عامرًا الشعبي عن جلود الأضاحي، فقال: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا}، إن شئت فبع، وإن شئت فأمسك، وإن شئت فتصدق.

وأما قوله {قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله}

قال الطبري: يعني بذلك جل ثناؤه:"قل" يا محمد، للذين أمرتهم أن لا يتخذوا الكافرين أولياء من دون المؤمنين ="إن تخفوا ما في صدوركم" من موالاة الكفار فتُسِرُّوه، أو تبدوا ذلكم من نفوسكم بألسنتكم وأفعالكم فتظهروه ="يعلمه الله"، فلا يخفى عليه. يقول: فلا تُضمروا لهم مودّةً ولا تظهروا لهم موالاة، فينالكم من عقوبة ربكم ما لا طاقة لكم به، لأنه يعلم سرّكم وعلانيتكم، فلا يخفى عليه شيء منه، وهو مُحصيه عليكم حتى يجازيَكم عليه بالإحسان إحسانًا، وبالسيئة مثلها، كما:-

6839 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال: أخبرهم أنه يعلم ما أسرّوا من ذلك وما أعلنوا، فقال:"إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه".

قال ابن علان

قوله (قال الله تعالى) أي: عما لا يليق بشأنه سبحانه {وما أمروا} أي: اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل {إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} أي: موحدين لا يعبدون سواه. قال بعضهم: الإخلاص تصفية العمل عن شوائب الكدر {حنفاء} مائلين عن جميع الأديان إلى دين الإسلام، أو حنفاء حجاجاً {ويقيموا الصلاة} أي: المكتوبة في أوقاتها {ويؤتوا الزكوة} عند وجوبها، ومخلصين وحنفاء حالان من الضمير في يعبدوا، والمعنى: وما أمروا في كتابهم إلا ليعبدوا الله بهذا الوصف {وذلك دين القيمة} أي: الملة المستقيمة أو دين الجماعة القيمة أو الهاء للمبالغة. وعن الخليل أن القيمة جمع القيم، والقيم والقائم واحد، أو المراد بدين القيمة دين الملائكة أو ملة إبراهيم، وقرىء {وذلك الدين القيمة} على تأويل الدين بالملة كذا في «التفسير الكبير» للكواشي. وقال الحافظ السيوطي في «الإكليل»: قوله تعالى: «وما أمروا إلخ» استدل به على وجوب النية في العبادات لأن الإخلاص لا يكون بدونها ا هـ.

(وقال تعالى): {لن تنالوا البر} أي: لن تبلغوا حقيقة البرّ الذي هو كمال الخير، ولن تنالوا برّ الله الذي هو الرحمة والرضى والجنة، وقوله: {حتى تنفقوا مما تحبون} أي: من المال أو ما يعمه وغيره كبذل الحياة ومفاداته للناس والبذل في طاعة الله والمهجة في سبيله، روي «أنها لما نزلت جاء أبو طلحة فقال: يا رسول الله إن أحبّ أموالي بيرحاء فضعها حيث أراك الله تعالى. فقال: بخ بخ، ذاك مال رابحـ أو رائحـ وإني أرى أن تجعلها في الأقربين». «وجاء زيد بن حارثة بفرس كان يحبها فقال: هذه في سبيلالله، فحمل عليها رسول الله أسامة، فقال زيد: إنما أردت أن أتصدق بها، فقال عليه الصلاة والسلام: إن الله تعالى قد قبلها منك» وذلك يدل على أن إنفاق أحبّ الأموال على أقرب الأقارب أفضل وأن الآية تعمّ الإنفاق الواجب والمستحب. وقوله: {وما تنفقوا من شيء} محبوب أو غيره {فإن الله به عليم} فيجازيكم بحسبه.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير