تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في بعض مناطق البربر، وصار نشاط الحركات التنصيرية هناك يعتمد في جملته على نسبة تقصير العرب في حق البربر إلى الإسلام نفسه، فالعرب الفاتحون هم الذين يمثلونه، فتحول الصراع بين البربر والعرب إلى صراع بين البربر والإسلام!، ولكي يتم الانفصال الفكري التام بين القبيلين لا بد من انتحال عقيدة غير عقيدة المخالف، فتصير الفرقة: فرقة لسان وفرقة دين، وهي الأخطر، فإنه لا إشكال في فرقة اللسان، بل إن الإسلام كان ولا يزال بعالمية رسالته يضم قوميات وألسنة شتى، بل المأثور عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، اعتبار الفوارق الثقافية، إن صح التعبير، بين قريش وبقية القبائل، فكان يكلم كل قوم بلسانهم، ويستعمل عليهم أحدهم، لئلا يشعروا بالغربة، أو يستوحشوا من قيادة لا تعرف أحوالهم لعدم اطلاعها على عاداتهم وأعرافهم، فنجحت دعوة الإسلام في جمع شتات القلوب، وكانت تلك منة عظيمة من الرب، جل وعلا، على نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم فـ: (إِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)، والشاهد أن النصرانية التي يروج لها الآن في أوساط البربر هي: نصرانية سياسية تسعى إلى إحداث الانقسام في المجتمعات الإسلامية في تلك البلاد، بإحداث فارق جوهري ثان بل أعظم بين العرب والبربر وهو: فارق الدين، فينضم إلى فارق اللسان، فيقع التباين التام بين القبيلين وذلك مما يؤجج الصراع داخل المجتمع الواحد، ويسهل انقسامه، أو تقسيمه، وهو عين ما يجري الآن على قدم وساق في جنوب السودان، فليست نصرانية الجنوب، ونسبة النصارى هناك لا تتعدى 17 % في مقابل 23 % للمسلمين ونحو 60 % للوثنيين، ليست إلا نصرانية سياسية تم توظيفها جيدا مع فارق اللسان بين الشمال العربي والجنوب الإفريقي، وبقية الفوارق الثقافية لاختلاف العادات والقبائل ....... إلخ، لتقسيم السودان، كما قد يقع في استفتاء يناير القادم، لا قدر الله، ونفس المخطط يتم تنفيذه في مناطق كدارفور، فأهلها مسلمون، ولكنهم أفارقة يعانون، أيضا، من تقصير العرب في حقهم، ففارق اللسان والثقافة لا يكفي لتأليب الدارفوريين على الحكومة المركزية، لأن الإسلام، كما تقدم، وعاء جامع لسائر الثقافات والألسنة، فلا بد من ترويج ديانة جديدة لينضم الفارق الديني إلى الفارق اللساني، فيسهل فصل الغرب بعد الانتهاء من فصل الجنوب، وهو، أيضا، عين ما يجري في بلاد النوبة في مصر، فقبائل النوبة: قبائل إسلامية تعاني، أيضا، من إهمال الحكومة المركزية، التي أهملت العرب والعجم وسائر أجناس البشر!، ولها خصوصية ثقافية ولسانية، فإذا انضم إليها دين جديد يباين دين الدولة الرئيس، وهو ما تقوم به الإرساليات النصرانية والإنجيلية تحديدا الآن، فإن ذلك، أيضا، يسهل تقسيم مصر، والمخطط، كما قد سبقت الإشارة إلى ذلك في مواضع أخرى، يهدف إلى إنشاء جدار عازل بين الشمال العربي المسلم والجنوب الإفريقي، بخلق حزام نصراني إنجيلي تحديدا، بين الشطرين، لا سيما بعد فشل الكنيسة في إيقاف الزحف الإسلامي جنوب الصحراء في دول كبيرة كنيجيريا التي يشكل المسلمون فيها نحو 65 % من السكان، ولعل ذلك سر نشاط الإنجيليين البروتستانت تحديدا دون سائر طوائف النصارى، فالمخطط يخدم مصالح الطبقة الإنجيلية التي سيطرت على مراكز صنع القرار في أمريكا، بوصفها القوة العظمى الوحيدة الآن، وهي تصب إجمالا في قناة المصالح الصهيونية فمقرراتها تتلاقى مع مقررات الصهاينة في نقاط كثيرة، أبرزها: تصفية الوجود الإسلامي في أرض الميعاد وأجوارها، والتمكين ليهود في الأرض المقدسة. وتلك أيضا نصرانية من جنس النصرانية السياسية الأرثوذكسية التي روجت لها الكنيسة المصرية في الآونة الأخيرة في ظل قيادة جماعة: الأمة القبطية، ذات المصالح الشخصية والتعصب الأعمى ضد الإسلام وأهله، فقد انقلبت على قيادة سابقة، كانت على أقل تقدير مخلصة لمقررات الدين الذي تمثله، بغض النظر عن صحته أو

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير