تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بطلانه، فهي تناصب الإسلام والعربية، أيضا، العداء، ولكنها إجمالا، لا تقوى على مناهضة نفوذ اللسان العربي في مصر، فهو لسان أهل الملتين، فراحت تغذي الفارق الرئيس الثاني وهو: فارق الديانة، في تعصب مقيت، ضج منه حتى عقلاء النصارى، لما أحدثه من شرخ اجتماعي عميق الأثر بين أبناء البلد الواحد، وهو شرخ متعمد يهدف إلى تكريس الانفصال الاجتماعي بين الطائفتين تمهيدا لإحداث الانفصال السياسي وهو ما يروج له الخونة من أقباط المهجر في أمريكا التي احتضنتهم كعادتها في إيواء كل محدث، لتستعملهم كورقة ضغط فاعلة على مصر، فقلاقل مستمرة ببث أراجيف الاضطهاد الديني والتمييز الطائفي ....... إلخ، وهي، إسطوانة مشروخة، كما يقال عندنا في مصر، من جنس الإسطوانة الطائفية المشروخة في العراق تمهيدا لقبول الغزو الأمريكي برسم التحرير!، فلم تأت أمريكا إلى العراق إلا لترفع الظلم عن طائفة مضطهدة كان النظام السابق يستهدفها، فمهمتها إنسانية بالدرجة الأولى!. وجنوب العراق الآن: نموذج آخر لتلك الثنائية الفارقة: ثنائية الدين واللسان، فقد نجح الفرس حتى قبل غزو أمريكا في اختراق الجنوب فكريا، فنشروا مذهبهم الذي يلائم نزعتهم العنصرية بين العرب، مع ما يعانيه أبناء المذهب من العرب من تمييز، فذلك أمر قد ركز في النفسية الفارسية العنصرية فلن تسوي العرب بالفرس أبدا وإن تابعها العرب في مذهبها الفكري لأنهم باختصار لا يمكن أن يكونوا فرسا في يوم من الأيام لاختلاف العرق وهو اختلاف لا يقبل التعديل بداهة!، ثم سقط الجنوب تقريبا في قبضة الفرس بعد الغزو الأخير، فغلب لسانهم على اللسان العربي، بمقتضى سنة التدافع القديمة بين القبيلين، حتى صارت الوثائق الرسمية في بعض مدن الجنوب الكبرى تكتب باللغة الفارسية، كما يذكر ذلك بعض الفضلاء من المهتمين بالشأن العراقي، فليس المذهب هنا، أيضا، إلا غطاء دينيا لمشروع سياسي بالدرجة الأولى، وهو مشروع قومي عنصري لا يمكن للعرب أن يكونوا جزءا منه، بل غايتهم أن يكونوا أبواق دعاية له، بالهتافات القوية والشعارات الحماسية كما قد وقع في حرب تموز 2006 م، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فلم ترد المقاومة اللبنانية لعموم المسلمين في دول الجوار إلا أن يكونوا غطاء إعلاميا لعب دورا كبيرا في تلميع المذهب وقياداته، وتخفيف الوطأة عنه بعد افتضاح أمره آنذاك، لما كان يجري في العراق على قدم وساق من تصفية منظمة لأهل السنة، باستهداف القيادات والكفاءات الشرعية والعلمية وتهجير قسم كبير من أبناء الطائفة هجرات داخلية إلى مناطق أخرى من العراق كالغرب، أو هجرات خارجية إلى دول الجوار.

والشاهد أن ثنائية: الدين واللغة: هي الثنائية التي يحصل بها التمايز بين الأمم، ولم يجد يهود، مع تشرذمهم وتنوع قومياتهم، بدا من انتحال العقيدة اليهودية عقيدة رسمية، وبعث العبرية من مرقدها، وهي التي انقرضت من القرن الرابع الميلادي تقريباا فلم يكن لها وجود إلا في المؤلفات الأدبية، والنقوش الأثرية والصلوات التوراتية، فكانت لغة ميتة لا وجود لها إلا في بطون الكتب قبل أن ينشط أصحابها في القرن التاسع عشر لبعثها تمهيدا لإقامة كيانهم المستقل دينيا وثقافيا عن بقية شعوب المنطقة، بل وشعوب العالم بأسره، على ما قد عهد منهم، أيضا، من عنصرية مقيتة، تفوق عنصرية الفرس، فتاريخهم سلسلة من مظاهر العزلة الفكرية والمكانية عن بقية البشر، فلا يعيشون إلا في أحياء منعزلة، كما قد علم من حالهم في مصر في حارة كحارة اليهود في القاهرة، كما مثل بذلك بعض الفضلاء المعاصرين، وسلسلة من المؤامرات على أديان وأخلاق الأممين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير