تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ستمنع المجرات والنجوم والكواكب من التشكل وستتطاير ذرات هذا الكون في كل اتجاه بسبب قوة التنافر بين مكوناتها. إن جميع العناصر الطبيعية الموجودة في هذا الكون والتي يزيد عددها عن مائة عنصر قد صنعت في باطن النجوم من هذه الجسيمات الثلاثة فقط وعلى الرغم من أن الفرق في تركيب العنصر والعنصر الذي يليه في الجدول الدوري هو بروتون واحد فقط ونيوترون واحد أو أكثر إلا أننا نجد تفاوتا كبيرا في خصائصها الفيزيائية والكهربائية والكيمائية. وإذا كانت جميع العناصر الطبيعية التي يزيد عددها عن المائة قد بنيت من لبنات ثلاثة فقط فللقارئ أن يتخيل كم سيكون عدد المركبات الكيمائية المحتملة التي يمكن الحصول عليها من تفاعل عنصرين أو أكثر من هذه العناصر. والعجيب كيف أن هذه العناصر والمركبات الكيمائية غير الحية قد تحولت إلى ملايين الأنواع من الكائنات الحية التي لا يوجد فيها نوعا يشبه النوع الآخر في الشكل بل الأعجب من هذا كله أن يكون من بين هذه الكائنات من أوتي القدرة على كشف أسرار المادة التي خلق منها فسبحان الله العظيم القائل "الذي أحسن كلّ شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين" السجدة 7.

أما المرحلة الثانية من مراحل خلق الكون فهي مرحلة تكون النجوم والمجرات فبعد أن برد الكون إلى ما دون عشرة آلاف درجة كلفن بدأت الإلكترونات بالارتباط بالبروتونات لتشكل سحابة من ذرات الهيدروجين والنيوترونات. لقد بقي الكون حتى هذه اللحظة متجانسا أيّ أن هذه السحابة كانت تتوزع على جميع أنحاء الكون بنفس الكثافة ولكن في لحظة ما بدأت كثافة مادة الكون بالاختلال لسبب لم يجد له العلماء تفسيرا مقنعا وتكونت نتيجة لهذا الاختلال مراكز جذب موزعة في جميع أنحاء الكون وبدأت قوة الجاذبية تلعب دورها بجذب مزيد من الهيدروجين المحيط بهذه المراكز إليها منشئة بذلك كتل ضخمة من الهيدروجين. وعندما وصل حجم هذه الكتل إلى حجم معين ونتيجة للضغط الهائل على الهيدروجين الموجود في مراكزها ارتفعت درجة حرارته إلى الحد الذي بدأت فيه عملية الاندماج النووي بين ذرات الهيدروجين منتجة ذرات الهيليوم بالإضافة إلى كميات كبيرة من الطاقة فتكونت بذلك النجوم. وتتفاوت أحجام النجوم المتكونة حسب كمية الهيدروجين الذي سحبته من الفضاء الكوني فكلما ازداد حجم النجم كلما ازدادت درجة حرارة باطنه بسبب ازدياد الضغط الواقع عليه. فالنجوم التي هي بحجم شمسنا لا يمكنها أن تحرق إلا الهيدروجين في باطنها ولذلك فهي لا تصنع إلا عنصر الهيليوم ولتصنيع عناصر أثقل من الهيليوم قدّر الله وجود نجوم أكبر حجما من الشمس. وفي داخل هذه النجوم العملاقة بدأت عمليات اندماج نووية أكثر تعقيدا منتجة بذلك ذرات عناصر الليثيوم والكربون والنيتروجين والأكسجين وانتهاء بالعناصر الثقيلة كالحديد والرصاص واليورانيوم. وكما أن الاختلال الذي حصل في كثافة مادة الكون قد أدى إلى تكون النجوم بشكل منتظم في أرجاء الكون فإن اختلال آخر قد حصل في كثافة هذه النجوم بحيث أن النجوم المتجاورة بدأت بالانجذاب نحو مراكز ثقلها وبدأت بالدوران حول هذه المراكز مكونة المجرات التي بدورها تجمعت على شكل عناقيد. لقد تمكن بعض علماء الفيزياء في أواخر القرن العشرين من وضع نظرية جديدة معدلة لنظرية "الانفجار العظيم" أطلقوا عليها اسم نظرية "الكون المنتفخ" ولقد أتت بحقائق عجيبة تدعم الصورة التي رسمها القرآن عن تركيب هذا الكون. وملخص هذه النظرية أنه في خلال الثانية الأولى من الانفجار العظيم ونتيجة لحدوث ظاهرة فيزيائية غريبة يطلق عليها اسم التأثير النفقي بدأ الكون بالتمدد بمعدلات أكبر بكثير من المعدلات التي نصت عليها نظرية الانفجار العظيم. وقد نتج عن هذا التمدد المفاجئ للكون في لحظاته الأولى ظهور عدة مناطق مادية على شكل فقاعات متلاحقة يفصل بينها حواجز قوية بحيث شكلت كل فقاعة من هذه الفقاعات كونا خاصاً بها. وتؤكد النظرية على أن هذا الكون العظيم المترامي الأطراف أو ما يسمى بالكون المشاهد لا يشكل إلا جزءً يسيراً من هذه الأكوان التي لم تستطع النظرية تحديد عددها فسبحان القائل "الذي خلق سبع سموات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور" الملك 3.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير