و "شيخ الإسلام"، وهو اللقب الذي أطلق على رئيس الهيئة الإسلامية في الدولة: ممثل الولاية الشرعية.
وفي عصرنا الحاضر:
وقع الطلاق البائن بين طرفي الثنائية، فزاد الجفاء والشقاق بين الساسة والعلماء في معظم دول العالم الإسلامي، إلا ما شاء الله، فاستبقى الساسة حولهم مجموعة من "علماء الدولة"، يتوسلون بهم إلى إضفاء نوع شرعية على سياساتهم الجائرة، فضلا عن مشاركتهم في الاحتفالات الدينية: كالأعياد المشروعة، وفي بعض البلاد: في الموالد واحتفال ليلة القدر وموائد الرحمن الرمضانية .............. إلخ من الشعائر التي لا تهدد عروشهم.
فاليوم: أهل الكتاب الهادي مقموعون، والحديد الناصر مكسور، وعلى أحسن الأحوال: قد علاه الصدأ!!!!.
وعن هذا الجفاء المتبادل يقول شيخ الإسلام رحمه الله:
"ولما غلب على كثير من ولاة الأمور إرادة المال والشرف صاروا بمعزل عن حقيقة الإيمان وكمال الدين ثم منهم:
من غلب الدين وأعرض عما لا يتم الدين إلا به من ذلك ومنهم من رأى حاجته إلى ذلك فأخذه معرضا عن الدين لاعتقاده أنه مناف لذلك وصار الدين عنده في محل الرحمة والذل لا في محل العلو والعز.
وكذلك لما غلب على كثير من أهل الديانتين العجز عن تكميل الدين والجزع لما قد يصيبهم في إقامته من البلاء استضعف طريقتهم واستذلها من رأى أنه لا تقوم مصلحته ومصلحة غيره بها.
وهاتان السبيلان الفاسدتان:
سبيل من انتسب إلى الدين ولم يكمله بما يحتاج إليه من السلطان والجهاد و المال، وسبيل من أقبل على السلطان والمال والحرب ولم يقصد بذلك إقامة الدين.
هما سبيل:
المغضوب عليهم والضالين، الأولى للضالين النصارى والثانية للمغضوب عليهم اليهود.
وإنما الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين هي: سبيل نبينا محمد صلى الله عليه و سلم وسبيل خلفائه وأصحابه ومن سلك سبيلهم وهم السابقون الأولون من المهاجرين و الأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه و أعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم". اهـ
"السياسة الشرعية"، ص217.
وهذا أمر مشاهد في أمة الإسلام اليوم:
فمن ساسة نحوا الدين جانبا، وأعلنوها صراحة، "لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة"، فالدين عندهم مظنة الضعف والعجز و "الدروشة"، وليتهم، لما عابوه، حققوا أي نجاح بدونه!!!!، إذ أشبه القوم أبناء يهود، فالقلوب قاسية، والظلم فاش في ممالكهم، فلا مكان فيها إلا للأقوياء، وإن شئت الدقة فقل: للجبابرة الطغاة.
وعلى الجانب الآخر: علماء وعباد انزووا في ركن قصي، واشتغلوا بأنواع نافعة من العلوم والأعمال، ولكنهم قصروا في جانب نصح الأمة: رعاة ورعية، فآثروا السلامة، وهذا حال رهبان النصارى قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، إذ فر القوم بدينهم إلى الكنائس والأديرة المعزولة، لا يخالطون الناس، ولا يخالطهم الناس إلا في القليل النادر.
و كلا طرفي قصد الأمور ذميم.
والعلماء الربانيون، الذين جمعوا بين العلم والعمل، قليل من الآخرين، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
فالخلاصة: أنه لا دين إلا بكتاب وسيف، فمتى تخلف أحدهما نقص من الدين بمقداره، وإن كان تخلف الثاني أهون من تخلف الأول، فقد ينجو المستضعف إذا التزم أحكام الكتاب في خاصة نفسه، بينما يهلك الظالم ذو البأس الشديد ولو بعد حين.
"وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ".
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[05 - 03 - 2007, 03:37 م]ـ
بارك الله فيك أيها الفاضل
نتابع وبشغف
ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 03 - 2007, 09:09 ص]ـ
جزاك الله خيرا، أبا طارق، أيها الكريم، على هذه الكلمات الطيبات، وعذرا على التأخر في الرد على مداخلتك الكريمة فلم أدخل إلا الآن فقط.
ومع ثنائية:
العلم إما: نقل مصدق عن معصوم، وإما: قول عليه دليل معلوم.
وهي ثنائية أشار إليها أبو العباس في أكثر من موضع فذكرها في:
¥