تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أمته مع جزمه به فيمن تقدم لأن الأمم قبلنا كانوا محتاجين إلى المحدثين كما كانوا محتاجين إلى نبي بعد نبي و أما أمة محمد فأغناهم الله برسولهم و كتابهم عن كل ما سواه حتى أن المحدث منهم كعمر بن الخطاب رضي الله عنه إنما يؤخذ منه ما وافق الكتاب والسنة وإذا حدث شيئا فى قلبه لم يكن له أن يقبله حتى يعرضه على الكتاب والسنة وكذلك لا يقبله إلا إن وافق الكتاب والسنة وهذا باب واسع فى فضائل القرآن على ما سواه".

بتصرف يسير من "مجموع الفتاوى(17/ 45، 46).

"والأدلة الشرعية مرجعها كلها إليه صلوات الله وسلامه عليه فالقرآن هو الذي بلغه والسنة هو الذى علمها والإجماع بقوله عرف أنه معصوم والقياس إنما يكون حجة إذا علمنا أن الفرع مثل الأصل وأن علة الأصل فى الفرع وقد علمنا أنه لا يتناقص فلا يحكم فى المتماثلين بحكمين متناقضين ولا يحكم بالحكم لعلة تارة ويمنعه أخرى مع وجود العلة إلا لإختصاص إحدى الصورتين بما يوجب التخصيص.

فشرعه هو ما شرعه هو وسنته ما سنها ولا يضاف إليه قول غيره وفعله وإن كان من أفضل الناس إذا وردت سنته بل ولا يضاف إليه إلا بدليل على الإضافة ولهذا: كان الصحابة كأبي بكر وعمر وابن مسعود يقولون باجتهادهم ويكونون مصيبين موافقين لسنته لكن يقول أحدهم أقول في هذا برأيي فإن يكن صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه.

فإن كل ما خالف سنته فهو شرع منسوخ أو مبدل لكن المجتهدون وإن قالوا بآرائهم وأخطأوا فلهم أجر وخطؤهم مغفور لهم".

بتصرف يسير من "مجموع الفتاوى " (27/ 396، 397).

وفي هذه الكلمات النفيسة رد على من اتهم أهل السنة بالتقليد الأعمى للأئمة الأربعة، رحمهم الله، إذ لم يتعبدنا الله، عز وجل، إلا بقوله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، فالخطأ وارد على كل من أتى بعده، ولو كان: الخلفاء الأربعة، رضوان الله عليهم، خير من وطئ الثرى بعد الأنبياء والمرسلين.

وفيها رد على أهل الرأي الذين زعموا قصور النصوص عن الإلمام بالنوازل، فتوسعوا في القياس حتى عارضوا به الوحي المنزل، فأشبهوا المتكلمين الذين عارضوا الوحي المنزل بعقولهم، فالأولون عارضوه في المسائل العملية، والآخرون عارضوه في المسائل العلمية.

وفيها رد على كل مرجف يزعم الحاجة لغير ما جاء به النبي الخاتم، صلى الله عليه وسلم، من دساتير غربية أو شرقية، إذ الدين قد اكتمل، وأدلته قد حررت، وقدرته على قيادة البشرية قد ثبتت بالدليل القاطع في عصور ازدهار الدولة الإسلامية، أيام كانت شرعية نبوية، وإنما فتن القوم لأنهم أتوا في زمان قد تخلى فيه المسلمون عن دينهم، فصاروا تحت نعال الأمم الأخرى، فتوهموا أن سر تخلف المسلمين: أنهم مسلمون، وإنما سر تخلفهم أنهم تخلوا عن دينهم، ولهذه الأمة سنة تختلف عن سنن باقي الأمم، فكل أمة تتقدم إذا نظرت أمامها، إلا هذه الأمة فإنها لا تتقدم إلا إذا نظرت خلفها، ولا أعني بذلك الرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح من الأحوال المعيشية الدنيوية، وإنما المقصود هنا: ما كانوا عليه من تصور لدين الله، عز وجل، إذ أنزلوه منزلة الحاكم المهيمن على كل شؤونهم، فنصرهم الله، عز وجل، به، ونصره بهم.

وأعلم الناس بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، هم أصحابه، رضوان الله عليهم، الذين عاينوا التنزيل، فاختلط بأرواحهم ولحومهم ودمائهم، وعنهم يقول الإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله:

" ...... فعلموا، أي: الصحابة والسلف الصالح، ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاما وخاصا، وعزما وإرشادا، وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا، وهم فوقنا في كل علم واجتهاد، وورع وعقل، وآراؤهم لنا أحمد وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا، ومن أدركنا ممن يرضى أو حكي لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا، أو قول بعضهم إن تفرقوا، وهكذا نقول، ولم نخرج عن أقاويلهم، وإن قال أحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله".

ويضيف ابن تيمية فيقول:

"وقد اتفق المسلمون على أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم خير طباق الأمة".

ويقول في موضع آخر:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير