فليس على الرسل بيان وجه المصلحة والمفسدة، إذ: "الواجب على الخلق اتباع الكتاب والسنة، وإن لم يدركوا ما في ذلك من المصلحة والمفسدة، وليس على المؤمن ولا له أن يطالب الرسل بتبيين وجوه المفاسد، وإنما عليه طاعتهم، قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ)، وقال: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) ".
فالشأن عند القوم: هل أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك أم لا؟، فإن أمر بشيء أو نهى عن شيء بادروا بالامتثال، سواء كان الأمر وجوبا أو ندبا، والنهي تحريما أو كراهة، فلم تكن هذه التقسيمات الفقهية معهودة في أفعالهم، إذ دخل القوم في دين الله، عز وجل، كافة، وإنما تركوا هذه التقسيمات لمن أتى بعدهم كما أشار إلى ذلك الشاطبي، رحمه الله، واليوم نسأل نحن عن المندوب لنتركه، وعن المكروه لنفعله!!!!.
و أخيرا فإن: "الواجب على كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله أن يكون أصل قصده توحيد الله بعبادته وحده لا شريك له وطاعة رسوله يدور على ذلك ويتبعه أين وجده ويعلم أن أفضل الخلق بعد الأنبياء هم الصحابة فلا ينتصر لشخص انتصارا مطلقا عاما إلا لرسول الله صلى الله عليه و سلم ولا لطائفة انتصارا مطلقا عاما إلا للصحابة رضي الله عنهم أجمعين فإن الهدى يدور مع الرسول حيث دار ويدور مع أصحابه دون أصحاب غيره حيث داروا فإذا أجمعوا لم يجمعوا على خطأ قط بخلاف أصحاب عالم من العلماء قد فإنهم قد يجمعون على خطأ بل كل قول قالوه ولم يقله غيرهم من الأمة لا يكون إلا خطأ فإن الدين الذي بعث الله به رسوله ليس مسلما إلى عالم واحد وأصحابه ولو كان كذلك لكان ذلك الشخص نظيرا لرسول الله صلى الله عليه و سلم".
"منهاج السنة"، (5/ 261، 262).
والله أعلى وأعلم.
ملاحظة: استفدت في هذه الثنائية من رسالة "الاعتصام بالكتاب والسنة" من كلام شيخ الإسلام، للشيخ الدكتور أبي الفضل عبد السلام بن محمد بن عبد الكريم، حفظه الله، أيما استفادة، فجزاه الله خير الجزاء.
يتبع إن شاء الله.
ـ[الأسد]ــــــــ[21 - 03 - 2007, 08:02 م]ـ
شكرا أخي مهاجر على هذا الجهد الرائع , وجعل الله ذلك في ميزان حسناتك , وبارك الله فيك , ورحم والديك.
ـ[أبو لين]ــــــــ[22 - 03 - 2007, 04:20 ص]ـ
بارك الله فيك أخي في الله مهاجر جهد واضح وموضوع موفق وأنامل وأفكار أسأل الله العظيم أن يبارك فيها ويجزيك الفردوس الأعلى وأُشهد الله عز و جل على حبك وحب مواضيعك المباركة.
ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 03 - 2007, 11:35 ص]ـ
جزاكما الله خيرا، أيها الكريمان الحبيبان، على حسن القول والظن، ورحم والديكما، ورفع درجتكما، ونفعكما ونفع بكما.
وعن ثنائية: وحدة الدين و تنوع الشرائع بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.
عن ثنائية: (وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آَلِهَةً يُعْبَدُونَ)، و: (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ)
عن ثنائية: (الأنبياء إخوة لعلات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد)
عن هذه الثنائية، وعن إسقاطها على أفعال المكلفين، يقول أبو العباس رحمه الله:
"فالأصول الثابتة بالكتاب والسنة والإجماع هي بمنزلة الدين المشترك بين الأنبياء ليس لأحد خروج عنها ومن دخل فيها كان من أهل الاسلام المحض وهم أهل السنة والجماعة وما تنوعوا فيه من الأعمال والأقوال المشروعة فهو بمنزلة ما تنوعت فيه الأنبياء، قال الله تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)، وقال تعالى: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام)، وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم كافة).
والتنوع قد يكون فى الوجوب تارة وفى الاستحباب أخرى:
فالأول:
¥