تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مثل ما يجب على قوم الجهاد وعلى قوم الزكاة وعلى قوم تعليم العلم وهذا يقع فى فروض الأعيان وفى فروض الكفايات ففروض الأعيان مثل: ما يجب على كل رجل من إقامة الجماعة والجمعة فى مكانه مع أهل بقعته ويجب عليه زكاة نوع ماله بصرفه إلى مستحقه لجيران ماله ويجب عليه استقبال الكعبة من ناحيته والحج إلى بيت الله من طريقه ويجب عليه بر والديه وصلته ذوي رحمه والإحسان إلى جيرانه وأصحابه ومماليكه ورعيته ونحو ذلك من الأمور التى تتنوع فيها أعيان الوجوب وإن اشتركت الأمة في جنس الوجوب وتارة تتنوع بالقدرة والعجز كتنوع صلاة المقيم والمسافر والصحيح والمريض والآمن والخائف

وفروض الكفايات تتنوع تنوع فروض الأعيان ولها تنوع يخصها وهو أنها تتعين على من لم يقم بها غيره فقد تتعين فى وقت ومكان وعلى شخص أو طائفة وفى وقت آخر أو مكان آخر على شخص آخر أو طائفة أخرى كما يقع مثل ذلك فى الولايات والجهاد والفتيا والقضاء وغير ذلك".

بتصرف يسير من "مجموع الفتاوى(19/ 117، 118).

(فيجب على العالم من تعليم الناس ما لا يجب على العامي، ويجب على القادر من دفع العدو إذا داهم أرض المسلمين ما لا يجب على العاجز، فيتفاوت الوجوب تبعا لاستطاعة المكلف، وفرض الكفاية من جهة فرضيته، كفرض العين تخاطب به الأمة جميعا ابتداء، فإذا ما قام به منها من تتحقق بهم المصلحة، أو تندفع بهم المفسدة سقط الوجوب عن باقي الأمة، وإن تركوه جميعا أو قصروا في أداءه لحقهم من الذم بقدر تقاعسهم، فعلى سبيل المثال: ما يجري اليوم في أرض العراق الحبيب، جعل حكم جهاد الدفع واجبا على كل العراقيين لأن العدو اجتاح أرض المسلمين، فصار في حقهم: فرض عين، وفي حق من جاورهم من المسلمين: فرض كفاية، إن لم يستطع العراقيون القيام به بمفردهم، فتتسع دائرة الوجوب العيني لتشمل من جاور العراق، وإن استغرقت الأمة بأكملها حتى تتحقق المصلحة ويندفع العدو، وتتعدد صور النصرة، فليس شرطا أن تكون بالنفس، خاصة وأن علماء أهل السنة في العراق يؤكدون دوما على انخراط عدد كاف جدا من إخواننا العراقيين في صفوف المقاومة، فليست الأزمة في الرجال والعتاد، وإنما الأزمة في توفير الدعم السياسي والاقتصادي والإعلامي والشعبي ..................... إلخ، فالظروف الإنسانية التي يعيشها إخواننا أهل السنة في العراق مما يثقل كاهل المقاومة التي تحارب في أكثر من جبهة: جبهة الغزاة، وجبهة الخونة، وجبهة حماية المدنيين، وجبهة توفير الغذاء والدواء، وجبهة إيواء اللاجئين، وجبهة كفالة أبناء الشهداء ........... إلخ، وكل هذه الجبهات تحتاج لدعم حتى تصمد المقاومة في وجه العدو، ولحوق الإثم بباقي أفراد الأمة يتناسب طرديا مع قدرة كل فرد فيها على النصرة، فيلحق الحكام المتقاعسين عن ذلك من الإثم ما لا يلحق المحكومين، ويلحق الأغنياء القادرين على البذل مع ضمان وصول أموالهم إلى مستحقيها ما لا يلحق الفقراء، ويلحق القادر على إحياء القضية في مجتمعات أهل السنة ما لا يلحق العاجز، والنصرة حتم لازم ولو بدعاء في جوف الليل الآخر، وهو عند التحقيق أمضى سلاح إن صدر من قلب مخلص).

ويواصل أبو العباس، رحمه الله، فيقول:

"وأما في الاستحباب فهو أبلغ فإن كل تنوع يقع في الوجوب فإنه يقع مثله في المستحب ويزداد المستحب بأن كل شخص إنما يستحب له من الأعمال التي يتقرب بها إلى الله تعالى التى يقول الله فيها: (وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه)، ما يقدر عليه ويفعله وينتفع به والأفضل له من الأعمال ما كان أنفع له وهذا يتنوع تنوعا عظيما فأكثر الخلق يكون المستحب لهم ما ليس هو الأفضل مطلقا إذ أكثرهم لا يقدرون على الأفضل ولا يصبرون عليه إذا قدروا عليه وقد لا ينتفعون به بل قد يتضررون إذا طلبوه مثل من لا يمكنه فهم العلم الدقيق إذا طلب ذلك فإنه قد يفسد عقله ودينه أو من لا يمكنه الصبر على مرارة الفقر ولا يمكنه الصبر على حلاوة الغنى أو لا يقدر على دفع فتنة الولاية عن نفسه والصبر على حقوقها.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير