تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

طهر وخير محض، فضلا عما استخرجه الله، عز وجل، به من عبوديات، على رأسها: جهاد أولياء الرحمن لأولياء الشيطان، ما كانت لتظهر لولا خلقه ................. إلخ، فالشر مقصود: قصد وسيلة لا غاية، فمن جعله غاية، فقد خلط بين القدر والشرع، فجعل الكفر والفسق والمعاصي شرعا يرضاه الله، عز وجل، ولذا لا يستغرب الناظر في حالهم، حتى في زماننا، إذا ما رأى استهانتهم بالشريعة، وتفريطهم في الواجبات، وملابستهم للمعاصي بل الفواحش التي تأنف النفس من ذكرها، كما قال قائلهم، لشيخ الإسلام، رحمه الله، وكان إباحيا لا يعرف حلالا من حرام: "الكون كله مراده، فأي شيء أبغض منه؟ "، فألقمه شيخ الإسلام حجرا، بقوله: "إذا كان المحبوب قد أبغض أفعالا وأقوالا وأقواما وعاداهم وطردهم ولعنهم فأحببتهم: تكون مواليا للمحبوب أم معاديا له؟ "، وهو إلزام في غاية الصحة، فإذا كان الله، عز وجل، قد حرم الزنى وأبغضه وسماه: "فاحشة"، وأوجب الحد على فاعله، ولعن الذين يؤذون الله ورسوله وأعد لهم عذابا مهينا، ومع ذلك خلقهم، فكيف يصح في الأذهان حبهم لمجرد أن الله قدر وجودهم كونا، مع أنه أبغضهم وأمر ببغضهم شرعا، فمناط المسألة على: التفريق بين الأمرين: الكوني والشرعي، فنؤمن بالأول، ونمتثل الثاني، فالذي خلق الكافرين كونا، هو الذي أمرنا بجهادهم شرعا، فتعطيل الجهاد، كما كان حال غالب المتصوفة إبان الاستعمار في بدايات القرن الماضي، بحجة الرضا بقدر الله، عز وجل، ومشاهدة ربوبيته وأمره الكوني، معارضة للشرع بالقدر، وإنما أمر المسلم بمدافعة أقدار الله، عز وجل، بأقداره، فيدفع قدر الجوع بقدر الأكل، وقدر العطش بالشرب، ..................... إلخ، وإلى هذا أشار الشيخ عبد القادر الجيلاني، رحمه الله، وهو من كبار أئمة الطريق المستقيمين مع كونه متأخرا إذ توفي سنة 561 هـ، إلى هذا أشار، فيما ذكر عنه فبين أن كثيرا من الرجال إذا وصلوا إلى القضاء والقدر أمسكوا إلا أنا فإني انفتحت لى فيه روزنة فنازعت أقدار الحق بالحق للحق والرجل من يكون منازعا للقدر لا من يكون موافقا للقدر.

يقول أبو العباس معلقا:

والذى ذكره الشيخ رحمه الله هو الذى أمر الله به ورسوله لكن كثير من الرجال غلطوا فإنهم قد يشهدون ما يقدر على أحدهم من المعاصي والذنوب أو ما يقدر على الناس من ذلك بل من الكفر ويشهدون أن هذا جار بمشيئة الله وقضائه وقدرة داخل فى حكم ربوبيته ومقتضى مشيئته فيظنون الاستسلام لذلك وموافقته والرضا به ونحو ذلك دينا وطريقا وعبادة فيضاهون المشركين الذين قالوا: {لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شيء}، وقالوا: {أنطعم من لويشاء الله أطعمه} وقالوا {لو شاء الرحمن ما عبدناهم} ولو هدوا لعلموا أن القدر أمرنا أن نرضى به ونصبر على موجبه فى المصائب التى تصيبنا كالفقر والمرض والخوف، قال تعالى: (ما أصاب من مصيبة إلا باذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه) ................... وأما الذنوب فليس للعبد أن يذنب وإذا أذنب فعليه أن يستغفر، فيتوب من المعائب ويصبر على المصائب، قال تعالى: (فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك)، وقال تعالى: {وان تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا}، وقال: {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}، فأمر بـ: الصبر على الأمر الكوني والتزام التقوى التي هي لازم الأمر الشرعي، وقال يوسف: {إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين}، أي: من يتق بالتزام الأمر الشرعي ويصبر على الأمر الكوني.

بتصرف من رسالة "العبودية"، ص28_34.

وأشار إلى أنواع الفناء في "التدمرية"، بقوله:

"والفناء يراد به ثلاثة أمور:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير