ولا يعنينا الحكم على أعيانهم بقدر ما يعنينا الحكم على أقوالهم بحكم الشرع الذي أمرنا بامتثاله.
وإما، (أي: حاصل فنائهم):
فناء هو: كفر وزندقة، كما تقدم مرارا، وهنا لابد من التنبيه إلى فيصل آخر بين الحق والباطل في هذه المسألة وهو:
تباين طريقتي الفريقين في تفسير معنى: "لا إله إلا الله":
فأهل السنة والجماعة يفسرونها بـ: لا معبود بحق إلا الله.
وأهل وحدة الوجود يفسرونها بـ: "لا موجود إلا الله"، فالله، عز وجل، عندهم، هو عين الوجود.
وبينهما يقف المتكلمون إذ يقولون بأن معناها: لا خالق إلا الله، أو: لا قادر على الاختراع إلا الله، فعظموا جانب الربوبية وأهملوا جانب الألوهية.
وتفسير أهل السنة جمع بين ألوهية الله، عز وجل، المتضمنة للإيمان بالقدر وامتثال الشرع، الغاية من خلق العباد، بمنطوقه، وبين الربوبية، بدلالة الالتزام، فلا يكون إلاها مستحقا للعبادة حتى يكون ربا خالقا رازقا ...... إلخ من صفات الكمال المطلق، فجمع أهل السنة الخير كله في أعظم كلمة.
والتوحيد عند القوم: توحيد عامة، وتوحيد خاصة، وتوحيد خاصة الخاصة، وهي، كما يقول أحد الفضلاء عندنا في مصر: "طبقية" ما أنزل الله، عز وجل، بها من سلطان، ومع ذلك ينكر القوم على من اتبع طريقة السلف فقسم التوحيد إلى: أسماء وصفات، وربوبية، وألوهية، زاعما أن هذه القسمة: بدعة ما أنزل الله بها من سلطان!!!، وأما قسمتهم ففيها الحق الذي نزل به جبريل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم!!!، مع أن التقسيم الأول: تقسيم علمي أيدته النصوص، بل جمعته آية واحدة: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا)، بينما الثاني: تقسيم بدعي اختلقه بعض "الطرقية"، ولسان الحال: رمتني بدائها وانسلت!!!!!.
وبطبيعة الحال لا يوجد أي احتكاك بين القوم وبين أرباب السياسة في بلاد العالم الإسلامي، بل إنهم يلقون الدعم المادي والمعنوي منهم لمقاومة الصحوة الإسلامية الصحيحة، فأحد قادة دول المغرب العربي يغدق عطاياه على الطرق الصوفية لمواجهة الصحوة الإسلامية في بلاده، وكبار قادة المؤسسات السياسية والدينية في العالم الإسلامي يحرصون كل الحرص على المشاركة في "موالد" القوم!!!!، وليت شرهم اقتصر على تخدير الأمة، وإنما تعداه إلى إفساد معتقدها، فطرقوا لأهل البدع والشبهات علينا، وصيروا أنفسهم قنطرة عبرت عليها أفكار الفرق الضالة التي تقدح في سلف الأمة بجامع الغلو في حب آل البيت، رضوان الله عليهم، عند كليهما.
ومن آخر الأخبار في عاصمة بلادنا الحبيبة: أن الطريقة البرهامية، وهي إحدى الطرق الصوفية، قد تنازلت طواعية عن أحد مساجدها لأتباع ذلك الفكر المنحرف لإقامة شعائرهم وطقوسهم!!!!، فضلا عما سببته زيارة أحد "المعممين" لمصر في أواخر شهر مارس الماضي، من إعادة افتتاح دار "التقريب" المشئوم، الذي هو، بطبيعة الحال، أحادي الجانب فهنا: تقريب، وهناك: تنفير!!!!، وإصدار بعض الدوريات المنحرفة، وتوزيع المنشورات الدعائية لهذا الفكر المنحرف بين عموم المسلمين في مصر حتى في وسائل المواصلات كـ: "مترو الأنفاق"، تزامنا مع الحملة الشرسة على الصحابة، رضوان الله عليهم، التي شنتها بعض الجرائد المأجورة، ومع ذلك يخرج علينا أحد الوزراء، ممن حمل درجة الدكتوراه في العلوم الشرعية ليقول بأن الخلاف بين الفريقين يجب أن يوضع في "المتحف"!!!، فهو من وجهة نظره: خلاف قديم أكل الزمان عليه وشرب، ولا أدري في أي "متحف" يضع هذا الوزير ما يجري الآن في العراق الحبيب؟!!!، (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)، وإلى الله المشتكى، ولا يملك الموحدون، كالعادة، إلا سلاح الدعاء والوعي والدعوة والموعظة الحسنة، وبث حب الصحابة، رضوان الله عليهم، في قلوب إخواننا أهل السنة، ابتداء، ورد شبهات القوم انتهاء، والله، عز وجل، قادر على أن ينصرنا عليهم إن أخلصنا النية وتسلحنا بالحق وأحسنا عرضه.
وعلى الجانب الآخر من الثنائية: جانب الشرع والأخذ بالأسباب:
يقف "العلمانيون": مدعو الأخذ بأسباب التكنولوجيا لمسايرة الغرب في نهضته، وهذا حق أريد به باطل، إذ لم يستورد القوم إلى الآن، إلا مفاسد القوم وانحرافاتهم، وإذا ذكروا بالله، اشْمَأَزَّتْ، قلوبهم، واتهموا الموحدين بالرجعية والتخلف، وإذا ذكر "أرسطو" و "أفلاطون" و "جان جاك روسو" و "ديكارت" و "نظام التشغيل: ويندوز" و "شركة مايكروسوفت"، "وكالة الفضاء الأمريكية: ناسا" ............ ألخ، إذا هم يستبشرون، مع أنهم عند التحقيق، لا يعرفون منها إلا رسوما زائفة يتحلون بها أمام الناس ليتشبعوا بما لم يعطوا، ومع ذلك يصرون على الخوض في دين الله، عز وجل، بعقولهم وأفهامهم الفاسدة، مع أن كثيرا منهم إلى الآن: لا يحسن الوضوء!!!!
و كم ذا بمصر من المضحكات ******* و لكنه ضحك كالبكا.
والحق وسط بين طرفي:
من غلا في مشاهدة الأمر الكوني فأهمل الأخذ بالأسباب.
ومن: غلا في الأخذ بالأسباب، فقصر في جانب الربوبية.
ومرة أخرى: يبرز إخواننا أهل السنة في العراق ممن رفضوا الضيم، وتفردوا دون غيرهم بمقاومة الاحتلال الغاشم وأذنابه من العملاء، يبرز أولئك الأفاضل كنموذج في الجمع بين الحقيقتين: الكونية والشرعية.
اللهم إنهم عبيدك فلا تخذلهم في جهادهم بما اقترفوا، وأقر أعيننا بنصر الإسلام في العراق، وإن كنا لا نستحقه، بتخاذلنا عن نصرة إخواننا.
والله أعلى وأعلم
يتبع إن شاء الله.
¥