تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالسياق هو الذي حكم بصحته، وهو في حد ذاته قرينة صحيحة تدل على المعنى المراد، فلا تأويل هنا أصلا كما يزعمون، ثم أين هم من قوله تعالى: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ)، إذ القول بأن اليد بمعنى: القوة أو القدرة ............. إلخ، قول فاسد لأن "القوة" و "القدرة" .............. ، إلخ، مصادر، والمصادر لا تثنى، لم أعرضوا عن هذا الدليل والتمسوا شبهة في دليل آخر؟، فالصحيح: أنها يد حقيقية تليق بذات الله، عز وجل، لا يعلم كيفيتها إلا هو من لوازمها القوة والقدرة والنعمة، الشاهد: أنك انتهجت نهجهم، فتركت البحر إلى نقطة، مع أن هذه النقطة لا تصفو لك عند التحقيق، وهذا منهج غير سوي في البحث.

وأما ما جاء في رواية: "يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار"، فهي كأحاديث الوعيد المطلق السابقة لا يلزم وقوعه لا سيما مع وجود موانع نفاذ الوعيد السابقة، والصحابة، رضوان الله عليهم، أحق الناس بها.

وبداية لقائل أن يقول بأن حديث "الفئة الباغية"، لا يشمل أهل الجمل، لأنهم لم يقتلوا عمارا، رضي الله عنه، وإنما ثبت البغي لأهل الشام يوم صفين لما قتلوا عمارا، رضي الله عنه، وبغيهم، كما سبق، ليس كبغي الخوارج، لأن لهم تأويلا سائغا، بطلب دم عثمان، رضي الله عنه، إذ معاوية، رضي الله عنه، هو يومئذ ولي دم عثمان، لأنه كبير بني أمية بعد مقتل عثمان، فرأى، وقد لمس عدم قدرة علي، رضي الله عنه، على القصاص من قتلة عثمان مباشرة آنذاك، رأى أنه على رأس قوة كبيرة في الشام تمكنه من الأخذ بثأر عثمان، رضي الله عنه، أو على الأقل تحميه وتحمي أهل الشام من غدر قتلة عثمان الذين اندسوا في جيش علي، رضي الله عنه، وهو منهم ومن أفعالهم براء، ولكنه أمر واقع، فما الذي يضمن لمعاوية وأهل الشام لو بايعوا عليا، رضي الله عنه، وتركوا ما هم فيه من منعة وعز، ألا ينقض عليهم قتلة عثمان، كما انقضوا على المدينة النبوية قبل ذلك، ولا يستطيع علي، رضي الله عنه، ردهم لمنعة القوم في قبائلهم في العراق؟!!، إذن فليقتص علي، رضي الله عنه، منهم أولا، وهذه حجة قوية، ولكنها لا تصمد أمام حجة علي، رضي الله عنه، بصفته ولي الأمر الشرعي الذي يتخذ القرار في الوقت الذي يراه مناسبا، والوقت الآن غير مناسب، لأن نار الفتنة ما زالت مستعرة، بدليل أن معاوية، رضي الله عنه، لما تولى الخلافة لم يقتص من قتلة عثمان، لأنه رأى من موقع الحاكم من المصالح والمفاسد ما لم يكن يراه من موقع المحكوم، ولذا كان علي، رضي الله عنه، في "صفين" أدنى الطائفتين للحق، كما كان يوم "الجمل"، ولكن كان لأهل "صفين" من الاجتهاد والحجة ما لأهل "الجمل"، فاستحقوا أجر المجتهد الواحد دون الأجرين اللذين استأثر بهما علي، رضي الله عنه، مرة أخرى.

يقول أبو محمد بن حزم رحمه الله في "الفصل":

"وأما أمر معاوية رضي الله عنه فبخلاف ذلك ولم يقاتله علي رضي الله عنه لامتناعه من بيعته لأنه كان يسعه في ذلك ما وسع ابن عمر وغيره لكن قاتله لامتناعه من إنفاذ أوامره في جميع أرض الشام وهو الإمام الواجبة طاعته فعلي المصيب في هذا ولم ينكر معاوية قط فضل علي واستحقاقه الخلافة لكن اجتهاده أداه إلى أن رأى تقديم أخذ القود من قتلة عثمان رضي الله عنه على البيعة ورأى نفسه أحق بطلب دم عثمان والكلام فيه عن ولد عثمان وولد الحكم بن أبي العاص لسنه ولقوته على الطلب بذلك كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن سهل أخا عبد الله بن سهل المقتول بخيبر بالسكوت وهو أخو المقتول و قال له كبر كبر وروي الكبر الكبر فسكت عبد الرحمن وتكلم محيصة وحويصة أبناء مسعود وهما ابنا عم المقتول لأنهما كان أسن من أخيه فلم يطلب معاوية من ذلك إلا ما كان له من الحق أن يطلبه وأصاب في ذلك الأثر الذي ذكرنا وإنما أخطأ في تقديمه ذلك على البيعة فقط فله أجر الاجتهاد في ذلك ولا إثم عليه فيما حرم من الإصابة كسائر المخطئين في اجتهادهم الذين أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم أجراً واحداً وللمصيب أجرين". اهـ

والكلام واضح لا يحتاج مزيد بيان.

ويقول في كلمة جامعة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير