الأنبياء. ثم ركب الرسول u البراق بعد أن خرج من بيت المقدس, فركب البراق وعاد الى مكة والناس نيام فلما أصبح الصبح, وصحت مكة, وعلت الشمس, شمس الضحى, أخبر u الناس بما حدث معه, وأول من رآه أبو جهل, وكان كثيرا ما يستهزئ بالنبي r, فجاءه أبو جهل وقال له مستهزئا: أراك ممعنا في تفكير عميق, فهل حدث لك شيء جديد؟ قال رسول r :" نعم". 0 قال أبو جهل: وما هو؟ فقال u:" انني أسري بي الليلة" أي انتقلت وسافرت0 قال أبو جهل: إلى أين؟! فقال u :" الى بيت المقدس"0 ففتح أبو جهل فمه من الدهشة وقال: ثم عدت إلينا؟! فقال u في ثقة واطمئنان: "نعم" 0 كان أبو جهل يسخر من الرسول r, ويقول: هذا يزعم أنه يكلم من السماء .. وكان هو وجماعته قد أكثروا من ترديد هذا الكلام حتى نسوه لفترة فلما سمع أبو جهل أن الرسول قد سافر ليلا من مكة الى بيت المقدس, والعكس في الليلة نفسها مع أنهم يسافرون لها في شهر, أراد أبو جهل أن يستغل هذه المعجزة التي لم يصدقها للسخرية من محمد, والإساءة له أمام الناس, كي ينصرفوا عنه إذ أنه يقول ما لا تقبله العقول .. ظنّ أبو جهل أنه بإمكانه أن يكذب الرسول r لأنه يقول أشياء لا يقبلها عقله هو, وأراد أن يجمع الناس لأنه يتوقع أن يتراجع محمد rعما قاله والذي لا يصدقه, ولما خاف أن ينكر محمد r ما قاله أمام الناس قال له: أرأيت يا محمد ان أنا دعوت قومك لتحدثهم بما حدثتني به؟ أتقول لهم ما قلت لي؟ فقال رسول الله r :" نعم".0 فنادى أبو جهل بأعلى صوته: يا معشر كعب بن لؤي. فجاء الناس اليه, فقال أبو جهل للرسول صلى الله عليه وسلم: حدّث قومك بما حدثتني به. فقال رسول الله r :" إني أسري بي الليلة". فقالوا: إلى أين؟ فقال u :" الى بيت المقدس". فقالوا: ثم أصبحت الآن بيننا بعد كل هذا السفر؟!! قال u:" نعم". وهنا هاج القوم, وصاروا يضربون كفا على كف, ويضع بعضهم يده على رأسه عجبا لكذب محمد صلى الله عليه وسلم كما يظن ويدّعي. وصاروا يكذبون رسول الله r, حتى قال له رجل منهم اسمه المطعم بن عدي: والله يا محمد لقد كان أمرك فيما مضى أمرا هيّنا, أما اليوم فقد أمعنت في الكذب بما لا تصدقه العقول .. إننا نركب الإبل الى بيت المقدس فنظل شهرا في الذهاب وشهرا في العودة ثم تزعم أنك سافرت هذا السفر في ليلة واحدة؟ واللات والعزى لا أصدقك, وما كان هذا الذي تقوله يحدث أبدا .. !! وقال بعضهم في استهزاء: وماذا رأيت في بيت المقدس؟ فقال u:" قابلت عددا من الأنبياء منهم ابراهيم u وموسى u وعيسى u وصلّيت بهم وكلمتهم". وكذب الكفار الرسول r وسخروا منه, وقالوا: لو أن أبا بكر سمع صاحبه محمدا يقول ما يقول اليوم لكذبه, ولانصرف عنه, وكف عن مناصرته وتأييده؛ وإذا انصرف عنه, وكف عن مناصرته, انصرف الكثيرون معه عن محمد, فيهون شأنه ويضعف أمره, فجرى أحدهم يبحث عن أبي بكر في كل مكان حتى وجده في أحد مجالس قريش, فقال له هل سمعت ما يقول صاحبك يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر: وما ذاك الذي يقول صاحبي؟ قال الرجل: يزعم أنه أسري به الليلة الى بيت المقدس, ثم أصبح بيننا!! فقال أبو بكر: أوقد قال ذلك؟ قال الرجل: نعم و اللات و العزى لقد قال ذلك. قال أبو بكر: لئن كان قد قال ذلك فوالله لقد صدق. فقال الرجل في عجب ودهشة: أتصدقه أنه ذهب الى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح. قال أبو بكر: نعم إني أصدقه حتى لو قال أبعد من ذلك. أصدقه أن الخبر يأتيه من السماء في ساعة من ليل أو نهار. أفلا أصدقه فيما هو أقل من ذلك عجبا؟!!! وقام أبو بكر والرجل وبعض من كانوا معه, وذهبوا الى حيث يجلس رسول الله r ويتحدث عن الإسراء, فلما وصلوا الى هناك سمعوا المطعم بن عدي يقول: يا محمد: ان كنت ذهبت الليلة الى بيت المقدس ودخلته وصليت فيه, فلا بدّ أنك شاهدته, وعرفت معالمه: من أبواب وجدران وغيرها, فصفه لنا .. ثم أضاف المطعم بن عدي قائلا: إننا نعرف أنك لم تذهب قبل هذه الليلة الى بيت المقدس, فاذا وصفته لنا الآن كان ذلك دليلا قاطعا على أنك زرته الليلة!!!. وهنا أحس رسول الله r في حيرة شديدة تعتريه, وأن كربا أو غما لا مثيل له يستولي عليه .. انه لم يذهب الى بيت المقدس قبل هذه الليلة وحين ذهب اليها في إسرائه كان في شغل بما أنعم الله عليه من أيمان وآيات كبرى. لم يهتم بتأمل الحوائط والنوافذ والأبواب وغير ذلك من
¥