تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأن فرعون رغم جبروته وسطوته لن يمسّهما بسوء, وعرّف موسى أنه هو الغالب. وقد روت الآيات الكريمة كل ما ذكرناه في هذا الموقف عن العصا0 قال تعالى: {هل أتاك حديث موسى * إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى* فلما أتاها نودي أن يا موسى* إني أنا ربّك فاخلع نعليك انك بالوادي المقدّس طوى* وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى* انني أنا الله لا اله الا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري* ان الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى* فلا يصدّنّك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردّى* وما تلك بيمينك يا موسى * قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى* قال ألقها يا موسى* فألقاها فاذا هي حيّة تسعى* قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى* واضمم يدك الى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى} 0

في قصر فرعون: مضى موسى u الى مصر, ثم دخل على الطاغية فرعون, فحدّثه عن الله Y وعن فضله ورحمته ورزقه, وحدّثه عن وجوب توحيده وعبادته, حاول أن يدعوه بطريق ليّنة, خاطب فيها وجدانه, ولكن فرعون تكبّر وتجبّر, وذكّر موسى بأن ربّاه وانتشله من النيل طفلا, وذكّره بمقتل القبطي, ثم سأله عن رب العالمين فقال: انه ربي وربك, وجادل فرعون جدالا كثيرا, والعصا في يد موسى u, وبعد أن أنهى موسى كلامه والرد على فرعون, نظر اليه فرعون وقال في تهديد وعيد: {لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنّك من المسجونين} 0 عندئذ أدرك موسى أن الحجج لن تفلح والأمور العقلية لن تحرّك في هذا الفرعون المغرور المتكبّر ساكنا, فتحسس موسى u العصا التي في يده, وأدرك أن وقت إظهار المعجزة قد جاء وآن أوانه فقال لفرعون: {أولو جئتك بشيء مبين} 0 و كان في نبرة موسى u تحدّ لفرعون, فقبل فرعون التحدي على الفور و قال: {فأت به ان كنت من الصادقين} 0 عندئذ أمسك موسى بعصاه وألقاها في صالة القصر وسط ذهول فرعون والوزراء الجالسين حوله, الذين ظنوا أن العصا سقطت منه بسبب ارتباكه من طلب فرعون الدليل على صدقه. وفجأة تحوّلت العصا الى ثعبان مبين, ثعبان هائل يتحرّك بسرعة عظيمة, اتجه الثعبان على الفور الى فرعون, شحب وجه فرعون من الخوف وثبت مكانه في البداية, وخرج الناس مذعورين منفضين عن مجلسه, وذعر فرعون ثم وثب عن مكانه, وصاح مستنجدا بموسى u وقف الجميع على جوانب بوابات القصر ينظرون بذعر ويشهدون ما يفعله موسى, فهز موسى يده الى الثعبان فعاد في يده عصا كما كان. عاد موسى يكشف أمام الواقفين معجزته الثانية, أدخل يده في جيبه وأخرجها فاذا هي بيضاء كالقمر, فذهل الواقفون فرعون ووزراؤه. و هكذا استمرّت العصا معجزة من معجزات موسى, ولها مشاهد كثيرة لم تنته بعد.

السحرة: ظن فرعون بعد كل ما حدث معه وشهده بنفسه أن أمر موسى وهارون عليهما السلام ضرب من ضروب السحر, وقال لحاشيته: ان موسى ساحر يعرف علم السحر والسحرة, يريد أن يخرجكم به من أرضكم, فماذا تأمرون؟ و قال العلماء قول ابن عباس وأورده الثعلبي في العرائس: قال فرعون أيضا لما رأى من سلطان الله I في يد موسى وعصاه: إنن أرى أننا لن نغلب موسى وننتصر عليه الا بمن هو مثله, فأخذنا غلمانا من بين اسرائيل يقال لهم "الغرقاء" يعلمونهم السحر كما يعلمون الصغار في الكتّاب, فعلموهم سحرا كثيرا, ثم ان فرعون واعد موسى موعدا, وقال له: أنت ساحر يا موسى .. ولقد قررت أن أكشف أمرك أمام الناس جميعا, وبعد أيام قليلة يحضر السحرة. فقال موسى u: ومتى ألتقي بالسحرة؟ قال فرعون: موعدكم يوم الزينة, انه يوم من أيام الربيع يحتفل به الناس جميعا. وسوف يأتي الناس في ضحى هذا اليوم, هذا هو موعدك يا موسى. فقال موسى u: سأخرج مبكرا من بيتي في هذا اليوم. و بعد هذا اللقاء خرج موسى u من قصر فرعون, وركب عدد من الرجال مركباتهم و أسرعوا يتفرقون في مصر كلها: ان على جميع السحرة الماهرين التوجه الى قصر فرعون لأمر هام. واستدعى فرعون نبي الله موسى وحاول تهديده و إخافته ولكن موسى ظل على حاله. و جاء يوم الزينة, واجتمع السحرة الى فرعون فوعدهم بأجر كبير لو غلبوا موسى u. و خرج الناس جماعات جماعات, أطفالا و نساء, شبابا و شيوخا, جاءوا ليشهدوا مباراة هي الأولى من نوعها: مباراة بين سحرة فكلهم يظنون أن موسى عليه السلام ساحرا!! بدأ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير