تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

منه أن يصنع منجنيقا ليضعوا فيه إبراهيم u ويلقوه في النار. و شرعوا على الفور في جمع الحطب من جميع الأماكن والشعاب هنا وهناك, فمكثوا مدة طويلة حتى أن المرأة منهم كانت اذا مرضت تنذر لئن عوفيت لتحملن حطبا لحرق ابراهيم u, وحفروا حفرة ضخمة فوضعوا فيها كل الحطب الذي جمعوه, وأشعلوا النار, فاضطرمت وتأججت والتهبت علاها شرر لم ير مثله قط. ثم أخذوا يقيّدون ابراهيم ويكتنفونه ويربطونه بالحبال وهو يقول:" لا اله الا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك, لا شريك لك"0 فلما حملوه ووضعوه في كفة المنجنيق مقيّدا مكشوفا وأطلقوه الى النار بالمنجنيق, لقيه جبريل في الهواء فقال له: يا إبراهيم ألك حاجة؟ فقال: أما اليك فلا! وجاء أمر الله فوريّا وسريعا للنار فقال I:{ يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم} حتى قيل أنه لولا أن الله قال: {وسلاما على ابراهيم} لآذى بردها ابراهيم u . و قيل أنه لم يصب إبراهيم u منها إلا العرق على وجهه كان يمسحه جبريل u و لما ألقي ابراهيم u في النار كان يقول: اللهم إنك في السماء واحد, وأنا في الأرض واحد أعبدك. وكان معه في النار ملك الظل, وصار ابراهيم u من ميل الحفرة حوله نار وهو في روضة خضراء, والناس ينظرون اليه لا يقدرون على الوصول, ولا هو يخرج إليهم. و مكث ابراهيم في النار أربعين يوما أو خمسين يوما كانت أطيب عيشا وأكثر بردا و سعادة. و لم تحرق النار منه سوى وثاقه وحبله الذي ربطوه به فقط وكانت النار بردا وسلاما على ابراهيم, خرج منها بمعجزة عظيمة منّ الله بها عليه, وأبت النار أن تحرق الا الكفار, فانها لا تحرق الأنبياء بأمر الله, وهذه معجزة من معجزات ابراهيم u التي منّ الله بها عليه.

الكبش العظيم: قال تعالى: {فلما أسلما وتلّه للجبين* و ناديناه أن يا ابراهيم* قد صدّقت الرؤيا, إنا كذلك نجزي المحسنين* إن هذا لهو البلاء المبين* و فديناه بذبح عظيم} 0 كان إبراهيم u قد كبر ونالت منه الشيخوخة منالها ولم ينجب أبناء, وكان يدعو ربه دائما أن يرزقه الولد فأحست سارة برغبته هذه فقالت له: يا ابراهيم, إني عاقر, وأحب أن يرزقك الله بولد ولذلك فانني سأهب لك جاريتي هاجر لكي تتزوّجها, فقد يرزقك الله بل ويرزقنا جميعا منها ولدا تقرّ به أعيننا!! صمت ابراهيم قليلا وحذر سارة من الغيرة اذا أتمّ هذا الأمر, فقالت سارة في ثقة واطمئنان تعودان الى عاطفة وحنان متدفقين منها وهي أنثى شأنها شأن حواء على وجه الأرض, تحكم الأمور وتغلبها على الأرجح بعاطفتها, قالت: لا تخف يا ابراهيم, لا تخف. تزوّج ابراهيم u من هاجر التي وهبتها له سارة ومرّت أيام جميلة سعيدة فحملت هاجر و ولدت لإبراهيم u ولدا جميلا وضيئا أسمّاه إسماعيل0 جاء إسماعيل بفرحة كبيرة دخلت على نفس ابراهيم u فأحب ابراهيم u إسماعيل حبا كثيرا, فكم من مرّة حمله وداعبه, وأحبه حبا كثيرا. و استمرّت الأحوال في البيت النبوي الكبير هانئة سعيدة بوليدهم الصغير, فأبو الأنبياء سعيد غاية السعادة يشكر ربه ليل نهار ويسبّح بحمده على ما أفاء عليه من نعمة الولد وهو في هذا السن المتقدم. و فجأة دوت في البيت النبوي الكبير مفاجأة كان مصدرها السيّدة سارة, فقد خرجت الأنوثة لطبيعتها تعبّر عما يجيش في صدرها دون تكلف, دبّت الغيرة في نفس الأنثى سارة وهي شأنه شأن بنات جنسها لا تستطيع أن تكتم ما في نفسها ولا أن تغيّر فطرة النساء وبنات حوّاء, جاهدت نفسها وكظمت غيظها, وحاولت أن تفعل شيئا, كانت تعلم أن هذا الأمر سيزعج ابراهيم u ولكن نفسها لم تقاوم جبروت الغيرة, اقتربت من إبراهيم قليلا و تهاوت الدموع من عينيها قطرات وقالت في صوت متهدج: يا إبراهيم؛ إني لا أستطيع أن أساكن هاجر و ابنها بعد اليوم, فانظر لنفسك و لها أمرا. صمتت سارة وقد انتابها حزن شديد من أجل خليل الله الذي شاركها الصمت أيضا, نعم لا تستطيع سارة أن تكبح جماح الغيرة, و هذا ما كان يخشاه إبراهيم. ظنّ u في البداية أن الأمر بضع خطوات و ينتهي الأمر بمسكن جديد قريب لهاجر و ابنها, و لكن سارة ذهبت مذهبا بعيدا, قالت: إنني لا أريد أن تسكن هاجر بلدا أسكنه .. هكذا لم تستطع الصبر على مجرد وجودهما بالقرب منه u فيراهما بين الحين والآخر عن قرب. انصرفت مشيئة الله أن يكون هذا قول سارة, وحاول u أن يترضى سارة على هاجر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير