أسئلة: أتصبح هذه الأرض القفراء عامرة؟ أتصير هذه يوما من الأيام, معمورة الأسواق والندوات والمجالس, آهلة بالسكان والأطفال والنساء والبيوت؟ لقد أوحى الله إليه أنه I سيعيدها سيرتها الأولى فتدب فيها الحياة, وتنشط الحركة وتقوم التجارة, ويزدهر نشاط الناس بالزراعة والصناعة .. صمت u قليلا و تساءل في عجب {أنّى يحي هذه الله بعد موتها} 0 أحس u بوحدة قاتلة, ووحشيّة مميتة من هذا الصمت الذي يطوف حوله, صمت المدينة, والأشجار, وكل شيء حوله صامت لا يتحرك, وأحزنته مشاهد الدمار التي ما زالت متناثرة في الشوارع والطرقات على شكل عظام ودماء, وبقايا حياة كانت مليئة بالحيوية والبهجة, ولم يسمع u حوله سوى صوت الرياح تهمس في أذنيه مرة عاصفة وأخرى عليلة هادئة النسمات. من كل هذا الجو الموحش آثر u أن يتخذ لنفسه مغارة في أحد الجبال المحيطة بالقدس ليقيم فيها, وحث حماره فمشى, وعند أحد البساتين توقف u وصنع لنفسه سلة ملأها عنبا وتينا, وعصر بعض العنب, وجعله معه في إناء من الجلد ليشربه0 و في ضحى ذلك اليوم دخل u مغارته الواسعة العتيدة فربط بها حماره, ووضع سلته وشرابه إلى جانبه واستلقى على ظهره ليريح نفسه من العناء والتعب, وقد شغل فكره بواحدة من الأفكار تقول: كيف تعود الحياة ثانية إلى هذه القرية؟! وهو u على علم من وحي الله أن الحياة ستعود مرة ثانية إلى هذه القرية ولكنه إنسان, ومازال رغم كل ذلك يقول ويردد: {أنّى يحي هذه الله بعد موتها} 0 من هذا التساؤل العجيب, ومن هذا الاستطلاع وحبه المعروف عند البشر, تكون المعجزة في طريقها إليه u بأمر الله U0. ظل u يقول: كيف تعود الحياة إلى سائر بني إسرائيل و ها هي صامتة صمت الزمن أيامي؟! ظل u على هذه الحال, حتى أسلمه التعب والتساؤل والرغبة في المعرفة إلى نوم عميق عمق الزمن الذي طال, ثقيل ثقل السنين التي مضت ولم يشعر بها u أبدا0 و في نومه العميق أو في نومته الصغرى, نام نومة كبرى, لقد قبض الله روحه, ولم يعد u يشعر بشيء مما حوله فهو في يد العناية الإلهية, تنصرف إلى ما تشاء ولا رادّ لمشيئة الله لا في الأرض ولا في السماء0 مضت السنون سريعة خاطفة عاما وراء عام, ومضى على خروجه u من بابل عشرة أعوام, انتظرت فيها زوجته و بنوه مشيئة الله Y التي تتيح لهم الخروج من بابل حتى يلحقوا به في الأرض المقدسة, ولكن طال انتظارهم, ولم يحدث شيء, وتلاحقت الأعوام حتى بلغت أربعين عاما, ولم يخرج بنو إسرائيل و لم تأت أخبار عنه u, ويئسوا من العودة إلى الأرض المقدسة0 أربعون عاما كانت كافية لتغيير أشياء كثيرة, فتغيّرت أجيال و اندثرت أجيال. و في خضم هذا الأمن والطمأنينة, نشأت في بني إسرائيل فتاة جميلة بارعة الجمال, تتسم بالذكاء حتى تفوقت على بنات جيلها جمالا و ذكاء, فكان أن رآها ملك بابل فطلب الزواج منها, فتزوجها وهام بها حبا, وأصبحت ذات مكانة رفيعة لدى زوجها, ومنزلة عظيمة ومنّ الله عليها بمولود جميل, مما زاد حبها رسوخا في نفس زوجها الملك, ملك بابل, وأصبحت الزوجة ذات مكانة عظيمة في أوساط زوجها والقصر وكل من حولها, وكان لها عظيم الأثر في نفس زوجها الملك مما جعله يحسن معاملة بني إسرائيل, فصار الأحبار يدخلون القصر ويعلمون ابنها التوراة, فأصبح محبا لأهل أمه, مما جعل الأحبار يشعرون ببركة هذا الزواج, فأصبحوا يتمتعون بمعاملة كريمة و احترام كبير و إكرام ليس له مثيل, وأصبح لهم نفوذ كبير في القصر, فهم بمنزلة وزراء الملك وأعلى الناس في حاشيته ومستشاريه. ومرّت السنون والأحوال تزداد تحسنا بالنسبة لبني إسرائيل, وجاء اليوم الذي مات فيه الملك, فخلفه ابنه الذي رضع حبا لأخواله بني إسرائيل, وحفظ منهم التوراة وعلومها, وأحبهم حبا شديدا, وجاء اليوم أيضا الذي جلست فيه الأم لابنها الملك لتحدثه عن أرض بني إسرائيل التي ما زالت خاوية خربة وتحتاج لأبنائها كي يعمروها, ويزرعوا أرضها0 وفي اليوم المشهود لبني إسرائيل والذي جاء بعد مضي سبعين سنة على خروج عزير u من بابل خرج المنادي ينادي في شوارع بابل: من أحبّ أن يخرج من بني إسرائيل إلى بلاده فليخرج ولا حرج عليه في ذلك0 خرج بنو إسرائيل مهاجرين إلى بلادهم, وهناك هالهم ما رأوه من خراب و دمار, و لكنهم شمّروا عن ساعد الجد, فغرسوا و زرعوا, و دبّت الحركة في المدينة التي
¥