تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأمَّا الحجُّ فإن أعمالَه تُشعِر النفوس بالمساواة: يكون المسلمون فيها مُتجرِّدين عن زينة الحياة الدنيا، ليسَ على الواحدِ منهم إلا رِداءٌ وإِزار، وكلهم خاضعٌ خاشع لعَظمة ربِه تعالى عز وجل، لا فرقَ بين غني وفقير، وصعلوكِ وأمير، هنالك تَتطامَنُ النفوس وتَعرِف أن زُخْرُفَ الحياة باطل، وأنه لا ينبغي الاسْتِعْلاءُ والاسْتكبارُ بجاهٍ ولا مال، وأَن الناس كلَّهم لآدم، وآدمُ من تراب.

وكذلك حَرَّمَ الدينُ ما يُفسِد العقلَ، ويَحطُّ من كرامة المرءَ، ويَذْهب بحَيائِه وماله، ويُوقع بين الناسِ العداوةَْ من شُربِ الخمر، وقتل النفس وأكل الأموال بالباطل، والغِيبَة، والنَّميمة، وكلِّ ما فيه إيذاءُ أوضرر. فَمن يُؤمنُ بالله تعالى حقَّ الإِيمان ويَقومُ بفرائضه على الوجه الصحيح تعظيماً لأمره تعالى، وينتهِي عن مَحارمهِ خَشية منه، وخوفاً من عقابه، تَتربَّىفيه الملَكاتُ الفاضلةُ، وتَطهَّر نفسُهُ من الرذائلِ والأَخلاق السيئة. ويظهر أثرُ تهذيب الدين للنفس في المعاشرةِ والمعاملة، فمن كان متديناً واقفاً عند حدودِ ما أُمِر به ونُهِي عنه، حَسُنت معاشرتهُ للناس، واعْتَدلت مُعاملتُه لهم، فيَحترِم والدَيه وأَقاربَه ويَبرُّهم، ويواسي إخوانَه ويُساعدُهم، ويَقوم بحقوقِ أهله إنكان متزوجاً، ويُربى أَولادَه، ويُثقِّف عقولَهم، ويُهَذِّب نفوسهم، لا يؤذِي جارَه في نفسٍ ولا عِرض ولا مال، ولايَغْتابُ ولا يَنمُّ، ولا يَكذب إذا حَدَّث، ولا يُخلِف إذا وَعد، ولا يَخُونُ إِذا أؤتمن، ولا يَغُش إذا باع أو اشترى، ولا يُطَفِّف كيلاً ولا ميزاناً، ولا يُماطِل في حق، ولا يَبخَس أَحداً حقه، وإذا عُهِد إليه عَملٌ أتقنه وأدَّاه على أكمل وجه في غير تسويفٍ ولا تأخير، وإذا تولَّى أمرَ الناس نَظر في مصالحهم، وعَدل فيهم، ولم يكن لغَيْرِ الحقّ سُلطانٌ على نفسه، فلا يُحابى ولا يضيع حق ضعيف، وقُصارَى القول: إن الدين بما فيه من أوامرَ، ونَواهٍ، ومدح لمحاسنِ الأخلاق، وذَمّ لمساوئها، يُؤثر في النفوس فيُهذبها، ويظهر أَثره في الأعمالِ فَيُنَظِّمُها، ويجعلُها جاريةً على مَنهج الخير العام والمصلحة التامة.

مارأي علماء الشيعة الإمامية في أن حوّاء خلقت من ضلعٍ أعوج من أضلاع آدم u؟

إن المادة التي خلق الله عَزَّ و جَلَّ منها الإنسان و كوَّنه منها هي الطين، فأبونا آدم u خُلق من مادة الطين، و بذلك تشهد آيات قرآنية كثيرة، منها:

1 - قول الله عَزَّ و جَلَّ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ}.

2 - قول الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ}.

3 - قول الله سبحانه: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ}.

4 - قول الله جَلَّ جَلالُه: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَم مَّنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لَّازِبٍ}

5 - قول الله عَزَّ و جَلَّ: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ}.

6 - و قول الله عن لسان إبليس: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) فيتبيَّن أن خلق الإنسان بصورة عامة و النبي آدم u بصورة خاصة كان من مادة الطين من غير شك و ريب.

من أي شيء خُلقت حواء؟ أما بالنسبة إلى أمنا حواء فنقول أن العموم الوارد في الآيات السابقة يشملها أيضا كما يشمل جميع أفراد البشر، فهي خلقت من نفس المادة التي خلق منها النبي آدم u، و بذلك تشهد الآيات القرآنية أيضا و كذلك الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السَّلام). أما مايفيدمن القرآن الكريم بأن المادة التي تم خلق حواء منها هي الطين، تماماً كآدم u فهو قول الله عَزَّ و جَلَّ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} 0و المقصود من النفس الواحدة هو الجنس البشري الواحد بدليل قوله الله عَزَّ و جَلَّ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير