تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد تصدى له العلامة ابن عقيل الظاهري .. جزاه الله عنا وعن أهل الظاهر خير الجزاء .. وقد كان الإمام في زمن تقليد، ويندر وجود من عاصره وخرج عن هذه الرتبة .. فكلامه في المحلى وغيره لمن عاصروه من أهل التقليد الذين قلما يقرأ أحدهم في كتب السنة ويفرق بين الصحيح والضعيف من الأثر فنافروه لأجل تلك الفضيلة التي عجزوا عن إبطالها ..

ولا حاجة لأهل الظاهر إلى القول أن الإمام كان شديد الغضب وكانت به علة تجعله يكون متسرعاً لضيق في صدره ..

فكلام مثل هذا لا يقول به المنصف .. فالإمام كتب كتبه ولم يكتب في منتديات حوار .. ! وكتب كتبه وراجعها واستدرك عليها .. فهل يعقل أن يجد ما يطعن به بإمام من أئمة الهدى ثم لا يغيره .. ؟! فلماذا وجدنا في كتبه التي بين أيدينا قوله: (ثم استدركنا، وكنا نقول كذا، وإلى آخره من هذه النصوص المشعرة بتغيير بعد تدوين) .. وهناك نماذج عن هذه الأمور من كلام الإمام ..

وأدع الإمام يحكي بنفسه عن هذا .. وقد كذب عليه شخص بعينه خفى عن الإمام أول الأمر ثم عرفه .. ورغم ذلك رد الكذب وشنع عليه ولم يذكره باسمه.

والأنموذج الأول ..

يقول الإمام ابن حزم الظاهري في جواب عن رسالة أتته فيها تعنيف ..

قال الخصم .. ((وهو – أي الإمام ابن حزم – ضعيف الرواية عارٍ من الشيوخ، وإنما هي كتب حسنها وأتقنها وضبطها، فمنها مروي مما قد رواها على شيخ أو شيخين لا أكثر، ومنها كتب مشهورة ثابتة بيده صحيحة مثل المسانيد والمصنفات والصحيح كمسلم والبخاري، لا يمترى في شيء منها، ومنها ما قد خفي على المحتج لعدم الراوي لها وقلة استعمالها أو لطروئها وحدوثها في بلدتنا لم يروها علماء بلدنا، ولا شغلوا بها، ولا سمعوا بها فيما مضى عمن مضى، فنافروها ولم يقبلوا عليها، فهم لا مكذبون لها ولا عاملون بها، ثم إنهم رأوا فيها تغليب أحاديث قد تُركت وسكت عنها الصحابة والتابعون والعلماء الماضون، ومخالفة أحكام قد حكم بها السلف الصالح وقضوا بها واستمر الحكم عليها)) ..

فقال الإمام مجيباً ..

((هذا كلام مخلط في غاية التناقض، أما قولهم عنا بضعف الرواية والتعري من الشيوخ: فلو كان لهم عقول لأضربوا عن هذا؛ لأنهم ليسوا من أهل الرواية فيعرفوا قويها من ضعيفها، ولا اشتغلوا بها قط ساعة من الدهر، وما يعرفون إلا المدونة على تصحيفهم لها، وما عرفوا قط من الصحابة رضي الله عنهم رجلاً ولا من التابعين عشرة رجال، ولا يفرقون بين تابع وصاحب سوى من ذكرنا، فلا حياء يمنعهم من أن يتعرضوا للكلام في الرواية، وأكثر المتكلمين في هذا الباب لا يقيمون الهجاء، ولا يعرفون ما حديث مسند من حديث مرسل، ولا ثقة من ضعيف، ولا حديث النبي صلى الله عليه وسلم من كعب الأحبار، وما منهم أحد يمزج له حديث موضوع مع صحيح فيميزه، ثم يقولون: عار من الشيوخ، وهم ما كان لهم شيخ قط – أي في الحديث -، ولا عمروا لمجلس حديث، ولا اشتغلوا بتفنيده، وإنما كان عندهم عبد الملك بن سليمان الخولاني، فكان شيخاً صالحاً لم يكن أيضاً مكثراً من الرواية، كان ربما ألم به بعضهم إلمام من لا يدري ما يطلب، يخرجون من عنده كما دخلوا، لم يعتدوا قط عنه بكلمة، ولا اهتبلوا بما يروي بلفظه، وإنما يقعدون عنده قعود راحة، إذا لم يكن عليهم شغل، ثم لم يلبث هؤلاء الخشارة أن نقضوا كذبهم خذلاناً من الله تعالى، فشهدوا لنا بأنها كتب أتقناها وضبطناها، منها مروي رويناه عن شيخ وشيخين، ومنها كتب مشهورة ثابتة بأيدينا مثل المسانيد والمصنفات، لا يمترون فيها، وهذا ضد ما حكموا من تعرّينا من الشوخ وضعف الرواية، فهم لا يدرون ما يقولون، ولا يبالون بالكذب والفضيجة، لكنا والله نصفهم بما هم أهله من أنهم ما ضبطوا قط كلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن صاحب ولا عن تابع، ولا يحسنون قراءة حديث لو وضع بأيديهم، ولا يفرقون بين جابر بن عبد الله وجابر بن زيد وجابر بن يزيد، ولا يفرقون بين رأي ورواية، وأما أن من كتبنا ما خفي على المحتج لعدم الرواي لها وقلة استعمالها فما خفاء العلم على الحمير حجة على أهل العلم، ولا قلة طلبهم لرواية السنن دليلاً على عدم الراوي، بل الرواة ولله الحمد موجودون، فمن أراد الله تعالى به خيراً وفّقه لطلب ما يقرب منه، ولم يشغله عما يعينه ما لا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير