تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يعينه وما لا يغني عنه من الله شيئاً، وكذلك ليس قلة استعمالهم لتلك الكتب عيباً على الكتب، وإنما العيب في ذلك على من ضيعها، وحظ نفسه ضيّع لو عقل، وأما ما ذكروه من طروئها في بلدهم، فما بلدهم حجة على أهل العلم، ولكن هكذا يكون إزراء السُكارى على الأصحاء، واعتراض أهل النقص على أهل الفضل، والعجب كله قولهم: (علماء بلدنا)، وهذه والله صفة معدومة في بلدهم جملة، فما يحسنون ولله الحمد لا رأياً ولا حديثاً ولا علماً من العلوم إلا الشاذ منهم النادر ممن هو عندهم مغموز عليه، (والجاهلون لأهل العلم أعداء) ومن جهل شيئاً عاداه، والعجب أيضاً عيبهم كتب العلم بأنهم لم يُسْمع ذكرها عندهم ولا سمعوا بها فيما مضى، فنافروها ولم يقبلوا عليها، إن هذا لعجب، فإذا نافرت كتب العلم هذه الطبقة المجهولة الجاهلة فكان ماذا؟ لقد أذكرني هذا الجنون ما حكام الأصمعي: فإنه ذكر أنه مر بكناسين على حش، أحدهما يكيل والثاني يستقي، والأعلى يقول للأسفل: إن المأموم سقط من عيني مذ قتل أخاه! فما سقوط هذه الكتب عند هؤلاء الجهال إلا كسقوط المأمون من عين الكناس، وحسبنا الله ونعم الوكيل، وقولهم أنهم رأوا فيها تغليب أحاديث قد تركت، فليت شعري من تركها؟ لئن كان تركها تارك لقد أخذ بها من هو فوقه أو مثله، وما ضر الحديث الصحيح من تركه، بل تاركه هو المحروم حظ الأخذ به، فإما مخطئ مأجور في اجتهاده، وإما عاص لله تعالى في تقليده في ترك السنة، وأما قولهم: وسكت عنها الصحابة والتابعون والعلماء الماضون: فقد كذبوا على الصحابة والتابعين، وعلى العلماء الماضين، ونسبوا إليهم الباطل، وكيف سكتوا وهم رووها ونقلوها وأقاموا بها الحجة على من بعدهم كالذي يلزمهم، أما قولهم: ومخالفة أحكام قد حكم بها السلف الصالح ما خالفوا قط حكماً صح عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان واحد منهم أو اثنان خالفوا بعض ذلك فقد وافقه عير المخالف ممن هو ربما فوق المخالف له أو مثله، والحجة كلها هي القرآن والسنة، لا ترك تارك ولا أخذ آخذ، والحق حق أخذ به أو ترك، والباطل باطل أخذ به أو ترك، وما عدا هذا فهذر وهذيان، وبالله تعالى التوفيق، وما نعلق أشد خلافاً لما حكم به الصحابة والتابعون منهم، كم قصة في الموطأ خاصة لأبي بكر الصديق وعمر وعثمان وغيرهم رضي الله عنهم خالفوهم، فمن السلف الصالح إلا هؤلاء لو عقلوا!، ونعوذ بالله من الخلان والجبن)) .. رسائل ابن حزم 3/ 82 - 83

رد الإمام الكذب والافتراء بالحق والصواب وشنع عليهم لأجل تعمد الكذب هذا ولم يسم الكاتب هذا الذي كتب كتاباً أو رسالة ونشرها .. فمن يقول أنه طعن في أحد صراحة فليذكر هذا القول ..

وأما التشنيع في القول نفسه فهذا ما يقوم به خصوم الإمام ابن حزم الظاهري أيضاً .. أما فرية أن الحكام آذوه لأجل لسانه ففسادها ليس بكلامي أنا .. وإنما بكلام الإمام ابن حزم الظاهري ..

وهو هنا يبطل كل ما قاله من بعده أو من عاصره ليخوف الناظر من منهج أهل الظاهر .. وقد حفظت لنا رسالته هذه هذا المعنى .. وقد قال رحمه الله ..

((إلى هنا انتهى ما رسموا من السخف، وقد أوضحنا أنه كله عائد عليهم، وهم قوم كادونا من طريق المغالبة وإثارة العامة، فأركس الله تعالى جدودهم، وأضرع خدودهم، وله الحمد كثيراً، وخابوا في ذلك فعادوا إلى المطالبة عند السلطان، وكتبوا الكتب الكاذبة، فخيّب الله سعيهم، وأبطل بغيهم، وله الشكر واصباً، وخسئوا في ذلك فعادوا إلى المطالبة عند أمثالهم، فكتبوا الكتب السخيفة إلى مثل ابن زياد بداينة، وعبد الحق بصقلية، فأضاع الله كيدهم، وفلّ أَيْدَهُم، وله المن كثيراً والفضل، فخزوا في ذلك، ولم يبق لهم وجه إلا مثل هذه السخافة، فرموا سهمهم الضعيف، فأظهر الله في ذلك عوارهم، وأبدى عارهم، وهو أهل الطول والمنة علينا أبداً، فعاد جدهم حسيراً، وحدهم كسيراً، وحسبنا الله ونعم الوكيل))

بهذه الشهادة يعرف من ينصف نفسه وغيره كيف كادوا لهذا الإمام لأجل أنه أعلن أن الشرع في كتابه وسنته هو المرجوع إليه وهو الحق الذي لا يجوز غيره .. وبهذه الشهادة يبطل كل كلام قاله ممن تكلم في ترجمة له وفاته قول الإمام في نفس ما يتكلمون عنه ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير