تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في عام 1938، عُين رومل قائداً لمدرسة الضباط في مدينة فينر نويشتات Wiener Neustdt ، بالقرب من فيينا. وفي بداية الحرب العالمية الثانية، في 1939، عُين قائداً لحرس مقر الفوهرر، ولكن لم تكن هذه الوظيفة هي التي ترضي طموح وحماس جندي من جنود الخطوط الأمامية. وجاءته الفرصة لإثبات ذاته، في فبراير 1940، عندما تولى قيادة الفرقة السابعة مدرعات (البانزر)، ولم يكن لديه أي خبرة بالدبابات، ولم يتوفر له سوى ثلاثة أشهر لدراسة المدرعات والإلمام بأساليب قيادة هذه القوات، قبل أن يدخل بهذه الفرقة القتال. وقد نجحت مدرعات رومل نجاحاً باهراً، أدى إلى انهيار فرنسا، فنتج عن ذلك أن أُعطيت له فرصة أخرى لتطبيق العقيدة الجديدة في أفريقيا، وقد استفاد رومل من ذلك، لأنها كانت قيادة مستقلة.

ولم يمض أكثر من عامٍ على توليه قيادة الفرقة السابعة مدرعات، حتى أصبح رومل أحد ألمع قادة الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، فدرّب فيلق الصحراء الألماني، الذي تسلم قيادته في فبراير 1941، تمهيداً للعمليات الحربية في صحراء شمال أفريقيا، لنجدة الجيش الإيطالي المهزوم، فطرد الجنرال ويفل من بنغازي. وفي صيف 1942، دحر البريطانيين، وأرغمهم علي التضحية بطبرق، والأراضي الحدودية المحيطة بها، وجعل خسائرهم تصل إلي خمسين ألف رجل، قبل أن يتوقفوا في العلمين. وبدا في تلك الأيام، أن البريطانيين على وشك الخروج من مصر.

غير أن مونتجمري، القائد البريطاني، اغتنم فرصة وجود رومل في ألمانيا للعلاج، وشن هجوماً علي الخطوط الألمانية، وعاد رومل إلي ميدان المعركة، وأظهر براعة فائقة في حرب الصحراء، كما أظهر حنكة، حتى أثناء تراجعه أمام مونتجمري. ولكن استطاع الجيش الثامن البريطاني "فئران الصحراء" بقيادة مونتجمري هزيمة رومل في معركة العلمين، في مصر، في أكتوبر 1942.

وفي عام 1943، انسحب من أفريقيا ـ مريضاً ـ بعد إصرار من موسوليني Mussolini ، وأُرسل إلى اليونان. وكانت هذه خدعة لسحب القوات من فرنسا إلى اليونان. وقد نجح في ذلك، ونُقلت الفرقة الأولى مدرعات من فرنسا إلى اليونان.

لقد أظهر رومل دهاءً أعظم في تطبيق نظرية " Blitzkrieg " ( الحرب الخاطفة)، (وهي أسلوب الحرب المتطرف في خفة حركته، مستخدماً المدرعات والقوات المحملة)، في أفريقيا، لأنه مزج الدفاع بالهجوم، مع جذب المدرعات المعادية إلى فخاخٍ منصوبة، تمهيداً لقيام مدرعاته بضربات خاطفة للقضاء عليها. ويعلق ليدل هارت، المفكر العسكري والإستراتيجي الإنجليزي، على هذا قائلا: "إن القدرة على القيام بتحركات غير متوقعة، والإحساس الجاد بعامل الوقت والقدرة على إيجاد درجة من خفة الحركة تؤدي كلها إلى شل حركة المقاومة، ولذلك فمن الصعب إيجاد شبيهاً حديثاً لرومل، فيما عدا جوديريان، أستاذ الحرب الخاطفة". لُقّب رومل بثعلب الصحراء لبراعته في التكتيك الحربي. وقامت شهرته على قيادته للجيش الألماني في الصحراء الغربية، وقد لعب دوراً مهماً في بروز هتلر.

ويقول ليدل هارت،: "كنت أنظر إلى رومل على أنه رجل تكتيكي عظيم، وقائد مقاتل بارع، لكنني لم أدرك درجة تعمقه في الإستراتيجية، (أو بالأحرى درجة تمكنه منها من خلال تأملاته)، إلا بعد اطلاعي على أوراقه الشخصية. وفوجئت عندما وجدت هذا القائد (المندفع) يفكر بهذه الدرجة من العمق، وأن جرأته كانت ترجع أصلاً إلى دهائه. وفي حالات معينة يمكن انتقاد بعض حركاته على أنها اندفاع وتهور، ولكن لا يمكن اعتبارها ضربات مقامر أعمى، عنيف الطباع. وإذا حللنا عملياته، لوجدنا أن بعض ضربات رومل، التي فشلت ونتج عنها عواقب وخيمة بالنسبة له، كانت تؤدي إلى عواقب أكثر قسوة لخصومه، علاوة على أنها أثرت تأثيراً كبيراً فيهم، فمكنته من الإفلات بجيشه من هذا المأزق بسهولة تامة. ويمكن قياس القادة بالطريقة التي يؤثرون فيها في خصومهم، وبهذا القياس يكون مكان رومل مرتفعا للغاية".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير