تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أيام الازدهار الثقافى للأمة العربية أيام العباسيين. وقد سبق أن أعطيت بعض الأمثلة على أصحاب الأساليب الفخمة فى عصرنا بما يغنى عن إعادة القول فيها هنا. لكننا، مع ذلك، نريد لهذه اللغة الكريمة أن تنتعش وتزدهر أكثر وأكثر، وأن يشعر الناس جميعا بحلاوتها وروعتها وفتنتها ويتذوقوا النعمة التى أنعم بها المولى عليهم فى شخصها، وبخاصة أن التفوق العام فيها مرتبط بالتفوق العلمى والأدبى والثقافى مما نحتاجه للخروج من تخلفنا الحالى الذى أوردنا مورد العجز والذل وأطمع فينا من يساوى ومن لا يساوى من دول العالم، فلم يعد أحد يحترمنا أو يقيم لنا وزنا حتى إن الفيلبين وهندوراس ولا أدرى من أيضا من الدول التى لا يعرف أحد مكانها على الخريطة تشترك فى احتلال العراق مساندة للأمريكان، وحتى إن أحدا فى الأمم المتحدة لا يبالى بما يحدث لإخواننا الفلسطينيين الأبطال على يد عصابات بنى صهيون المدعومين ماليا وعسكريا وسياسيا من أمريكا والغرب كله من مجازر لا تتوقف يوما ولو ساعةً من نهار، على حين أنه لو تألم شخص واحد من الأقليات فى بلد إسلامى أو عربى لوجعٍ فى ظفر خنصره الشمال من قدمه الحافية الجرباء لقام مجلس الأمن فى الأمم المتحدة بهيله وهيلمانه يدعو إلى استقلال صاحب الظفر بدولة قائمة برأسها ومعاقبة العرب والمسلمين جميعا بسبب ما حدث لظفره! وبالمناسبة فالإنجليزية والفرنسية مثلا تقدِّمان الفعل، فى بعض الأحيان، على الاسم بما يشبه الجملة الفعلية عندنا، وتسميان هذا اللون من التركيب: " inversion"، وإن كانت الإنجليزية تتوسع فيه أكثر من الفرنسية.

ويعيب الأستاذ المؤلف كذلك لسان العرب بما يسميه "النقص الغريب فى حروف العلة" (ص 168). يقصد أننا لانعرف إلا الفتحة والكسرة والضمة الصافية ومدّاتها، بخلاف الفرنسية مثلا، التى تعرف حروف علة أخرى بالإضافة إلى ما تعرفه العربية من مثل e, u, y, ai, eu, eau, ou"، إلى جانب الـ" accent"، الذى يوضع على بعض هذه الحروف بأشكاله الثلاثة المعروفة. وهو عيب موهوم، إذ من ذا الذى يشعر أن ذلك يقيده فى التعبير عما يشاء؟ ثم إن هذه الحركات كثيرا ما تختلط وتتداخل من كلمة لأخرى، وأحيانا ما يكون وجودها صوريا. ونفس الملاحظة تصدق على الإنجليزية، التى ينبغى عليك أن تحفظ نطق كل كلمة من كلماتها تقريبا بالسماع رغم ذلك، إذ الكتابة فى كثير جدا من الحالات شىء، والنطق شىء آخر. وبالمثل فتانك اللغتان ينقصهما من حروف لغتنا "الثاء والحاء والخاء والعين والغين والقاف والهاء"، ومع ذلك فإننا لا نشغل أنفسنا كثيرا بمثل هذا الأمر ما دام أصحابهما لا يشعرون بأنه يشكل عبئا عليهم فى الإفصاح عما يريدون. وما دمنا قد دخلنا فى هذا الموضوع، فما رأى كاتبنا فى وجود الـ" ph" مع الـ" f" فى الفرنسية والإنجليزية؟ هل يرى له أى لزوم؟ وهل هو راض عن تبدل طريقة النطق للـ" d" والـ" t" والـ" s" فيهما من موضع إلى موضع ما بين ترقيق وتغليظ، فضلا عن عدم نطق بعض الحروف المكتوبة؟ وهل يرى داعيا لوجود تركيبة الـ" th" فى الفرنسية ما دامت الـ" t" وحدها تكفى؟ وذلك علاوة على اختلاف نطق الـ" c" والـ" g" فيها وفى الإنجليزية حسب الحرف الذى يأتى بعدهما ... إلخ. وبالمناسبة فقد أخطأ المؤلف هنا حين أراد أن يعلل السبب فى تسمية اللغة العربية بـ"لغة الضاد"، إذ حسب أن ذلك راجع إلى أنها هى اللغة الوحيدة فى العالم التى تفخّم "الدال" وتضخّمها فتقلبها "ضادا" (ص 149). فأما أنها، على الأقل فى نطاق علمنا، هى اللغة الوحيدة فى العالم التى تعرف نطق "الضاد" فهذا صحيح، لكن بمعنى غير المعنى الذى شرحه سيادته، لأن "الضاد"، كما جاء فى كلامه، ليست هى "الضاد" العربية الأصيلة بل "الضاد" حسبما ننطقها هنا فى مصر، وهذه موجودة فى الفرنسية والإنجليزية متمثلة فى تفخيم حرف الـ" d" فى كثير من الكلمات على ما هو معلوم، مثل " dogue" فى الأولى، و" double" فى الثانية. أما "الضاد" العربية فهى شىء بين "الضاد" المصرية و"الظاء". كذلك يعيب الأستاذ شريف لغة العرب بأن غالبية الكلمات والأفعال فيها تتكون من حروف ساكنة فقط، على عكس كل لغات العالم الحديثة (ص 169)، وهى دعوى غير صحيحة، إذ الغلبة فيها إنما هى للحروف المتحركة لا الساكنة كما يعرف كل من له أدنى إلمام بلغتنا. أما إن كان يقصد الإملاء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير