المجنون الذي أنفق الوقت والجهد في رسمها، فهي ترمز لما في ذهنه المريض، وكذا "المسرح التجريبي" الذي لا يفهم مشاهده منه شيئا، بل قد يستغله المغرضون للهجوم على الثوابت الدينية كما حدث عندنا في مصر منذ سنوات، إذ قدم عرض تجريبي ظهرت فيه فتاة ترقص على نموذج مصغر للكعبة المشرفة!!!!.
فكانت المناظرة في حقيقتها بين:
أربعة: المتفنن المبتسم طوال اللقاء ببلاهة منقطعة النظير بلا مبرر، والدكتورة المبجلة، والقناة الجادة المحايدة التي تفضلت علينا بعرض سيرة بطل الملحمة، والمذيع الذي كانت أسئلته توحي لسامعها بانحياز لطرف على حساب طرف.
وذكرني ذلك بلقاء أجراه أحد مذيعي القناة مع الشيخ الدكتور ناصر العمر، حفظه الله وسدده، في الصيف الماضي، لما نشبت الحرب المفتعلة في جنوب لبنان، وراح الدعاة يتبارون في تأييد من أنشبها، بلا أي تحفظ، إرضاء لمشاعر الجماهير المتحمسة، وبطبيعة الحال ركبت الجزيرة نفس الوجة العاطفية غير المنضبطة فأفردت الساعات لعرض اللقاءت المؤيدة لهذه الحرب، وكانت نظرة الدكتور العمر: نظرة شرعية محققة، ترى ما خفي على كثير من المتابعين، وهي النظرة التي أكدت الأيام صحتها بعد انتهاء الحرب، وبطبيعة الحال، كان على الجزيرة أن تتقمص شخصية المحايد فأجرى ذلك المذيع اتصالا هاتفيا مع الدكتور العمر في الساعة الواحدة والنصف صباحا!!!!، لمدة ست دقائق!!!!، حاوره فيه بطريقة مبتذلة تدل على سوء أدبه، بالإضافة إلى امتناع القناة في تلك الآونة عن عرض عدة أفلام بعثتها المقاومة العراقية تصور آخر عملياتها ضد القوات الأمريكية وحلفائها، ومرة أخرى: هذه هي حيادية الجزيرة: رائدة الإعلام العربي المعاصر، وهي على كل حال: أفضل ما في سوق الفضائيات الزاخر بالبضاعة الكاسدة.
وفي المقابل وقف ذلك الشيخ الفاضل وحيدا ليواجه هذا الهجوم الرباعي.
ومثل هذه العروض والمؤلفات والمقالات التي تتسرب من آن لآخر تكون بمثابة بالونات اختبار لقياس مدى رد فعل المسلمين، فإن كان ضعيفا، تجرأ القوم على ثابت جديد من ثوابت الدين، وهكذا حتى يأتوا على الدين جملة وتفصيلا، مع أن كثيرا منهم يدعي التدين، بل والفقه، بل والاجتهاد!!!!.
وهم، كما عهدناهم دوما كالذباب: لا يسقط إلا على الجروح والقروح، فلم ينجحوا حتى الآن مع سيطرتهم على معظم مراكز صنع القرار في الدول الإسلامية، في حل أية مشكلة أو معالجة أية نازلة تنزل بالأمة، ولم ينجحوا في نقل التكنولوجيا الغربية التي بهرتهم إلى بلادنا، وإنما جل همهم استيراد أخلاق وعادات، وإن شئت الدقة فقل: "زبالات" القوم، فتعقد المؤتمرات في الدول الإسلامية لنشر ثقافة الزواج المثلي وحرية العلاقات الخاصة خارج إطار الحياة الزوجية ومساواة الأنثى بالذكر في الميراث .............. إلخ، أما التكنولوجيا والإنترنت والصواريخ الموجهة ............ إلخ مما صدعوا رؤوسنا بالكلام عنه، فـ:
لا خيل عندك تهديها ولا مال ******* فليسعد النطق إن لم تسعد الحال
والمنافقون في أي أمة لا يظهرون إلا في فترات ضعفها، إذ لا يجرؤ أمثال هؤلاء على إظهار مكنون صدورهم إلا في مراحل الضعف، والدولة اليوم لغير المسلمين، ولو كانت الدولة للمسلمين لكانوا أبواقا لها، كما هم اليوم، أبواق لأعدائها:
(الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا).
وإليهم يشير شارح الطحاوية، رحمه الله، بقوله:
" ............ مع العلم بأن في أهل القبلة المنافقين، الذين فيهم من هو أكفر من اليهود والنصارى بالكتاب والسنة والإجماع، وفيهم من قد يظهر بعض ذلك حيث يمكنهم، وهم يتظاهرون بالشهادتين". اهـ
ويشخص ابن تيمية، رحمه الله، دائهم بقوله:
¥