تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

"ومن وجد من هذه الأمة محتاجا إلى شيء غير ما جاء به الرسول فلضعف معرفته واتباعه لما جاء به الرسول مثل كثير منهم من يقول أنه يحتاج إلى الإسرائيليات وغيرها من أحوال أهل الكتاب وآخرون منهم من يقول أنهم محتاجون إلى حكمة فارس والروم والهند واليونان وغيرهم من الأمم وآخرون يقولون أنهم محتاجون إلى ذوقهم أو عقلهم أو رأيهم بدون اعتبار ذلك بالكتاب والسنة.

ولا تجد من يقول أنه محتاج إلى غير آثار الرسول إلا من هو ضعيف المعرفة والاتباع لآثاره وإلا فمن قام بما جاء به الكتاب والسنة أشرف على علم الأولين والآخرين وأغناه الله بالنور الذي بعث به محمدا عما سواه"

"الصفدية"، (1/ 260).

فقد كفينا، ولله الحمد، ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فهو أعلم الخلق بالحق، وأفصحهم، وأنصحهم، فلا حاجة لنا في الأديان والأخلاق بحكمة سواه، فما ظنك بزبالات الأمم الأخرى التي تفنن القوم في ترويجها في أوساط شباب الأمة كما تروج المخدرات؟!!!.

ولا يعني ذلك عدم الاستفادة من تجاربهم المادية الناجحة، فالحكمة ضالة المؤمن.

وقد احتجت الدكتورة البحرينية بحجة باردة إذ قالت: إن الشاعر المبجل لم يقل ما جاء في نص الرواية، وإنما حكاه على لسان البطل، فالبطل، عند التحقيق، هو القائل، لا الكاتب!!!!، وناقل الكفر ليس بكافر، فعلام هذه الضجة؟!!!!!، وهي حجة متهافتة تصلح للتنصل من أي قول، فمن أراد أن يطعن في الدين، فلينسب طعنه لشخصية وهمية يخترعها، أو موجودة يفتري عليها، ولو سلمنا لها جدلا من باب التنزل، لكان على ذلك الشاعر أن يعقب على قول ذلك البطل بما ينقضه لئلا يظن به أنه يوافقه لسكوته عنه في موضع لا يحسن فيه السكوت مظنة التهمة، وقد نقل كثير من علماء الأمة المعتبرين أقوالا كفرية في مصنفاتهم، أو حتى بدعية، بل أحيانا فقهية لا يرتضونها، وأتبعوها بما ينقضها، وهذا ما يظهر جليا في مصنفات كمصنفات ابن تيمية، رحمه الله، الذي اهتم بإيراد أقوال خصومه من كتبهم المعتمدة قبل أن يفندها قولا قولا، ومن هنا استغل من استغل من المغرضين أمانة ابن تيمية العلمية في عرض قول المخالف، فبات يحكيه على أنه قول ابن تيمية لتنفر القلوب منه تبعا لنفرتها من القول الذي نقله لينقضه لا ليقره.

وأما هؤلاء فهم سواء كتبوا من بنات أفكارهم أو نقلوا عن غيرهم، لا يزنون ما يخرج من رؤوسهم بميزان الشرع، فإذا ما انتقدوا راحوا يصرخون ويلطمون ويشقون الجيوب بكاء على الحرية المذبوحة!!!!.

وقبل الأمس: رواية: "وليمة لأعشاب البحر" التي تطاول كاتبها على القرآن الكريم، وبالأمس: تطاول المجلة المغربية على ثوابت الملة، واليوم رواية تبيح الزنا تحت ستار الحرية، والبقية تأتي!!!!!.

وأخيرا فإن أمة الإسلام هي أمة الآداب والفنون، بمعناها الحقيقي، وقد اختار الله، عز وجل، لحمل هذه الرسالة أمة بضاعتها الشعر والأدب، وظهر فيها أمثال حسان وعبد الله بن رواحة وكعب بن زهير، رضي الله عنهم، وظهر فيها جرير والفرزدق، وظهر فيها أمثال الشافعي، رحمه الله، الذي جمع بين الفقه والأدب، فكان الأصمعي، رحمه الله، وهو من هو في الفصاحة والبلاغة، يقرأ اشعار العرب عليه، وظهر فيها البحتري وأبو تمام وأبو نواس وأبو الطيب المتنبي، زعيم دولة الشعر في خلافة بني العباس، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بأبياته، مع التحفظ على كثير منها، وأبو فراس الحمداني الأمير الشاعر، ............. إلخ من أرباب الفصاحة والبلاغة، وكان باعتها المتجولون في الأندلس ينادون على بضائعهم بالأشعار الموزونة، وكان خلفاؤها من العلماء المحققين، من أيام الخلفاء الأربعة، رضوان الله عليهم، مرورا بمعاوية، رضي الله عنه، وعبد الله بن الزبير، رضي الله عنه، وعبد الملك بن مروان وابن أخيه الفتى العمري: عمر بن عبد العزيز، رحمهما الله، وأبو جعفر المنصور، رحمه الله، والمأمون، على تجهم واعتزال فيه والله يغفر له، مرورا بخلفاء أدباء كالراضي بالله، رحمه الله، الخليفة الشاعر، وفي الجهة المقابلة: كان صقر قريش الأمير الشريد عبد الرحمن بن معاوية بن هشام، الملقب بـ "الداخل"، رحمه الله، واحدا من علماء وأدباء دولة بني أمية في دورها الثاني في الأندلس، وكان أمير المؤمنين عبد الرحمن الناصر، رحمه الله، ممن عني مع اشتغاله بالسياسة بالفنون والآداب، وكان ابنه الحكم المستنصر، رحمه الله، واحدا من علماء زمانه، اجتمع في خزانة كتبه: 400 ألف مصنف في شتى العلوم، إن لم تخني الذاكرة، في وقت كانت أكبر كاتدرائية أوربية تحوي مكتبتها 132 كتابا، فكانت الأندلس، فردوسنا المفقود، منارة بددت ظلمات أوروبا التي يتمسح القوم اليوم بها، وما علموا أن علومهم إسلامية النسبة باعتراف المنصفين منهم، وعجبا لأمة رجالها كهؤلاء، كيف استغنت عن سيرهم بسير المطربين ولاعبي الكرة؟!!!!!

أولئك آبائي فجئني بمثلهم ******* إذا جمعتنا يا جرير المجامع.

والله أعلى وأعلم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير