تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

اسألوا من وقع في أيديهم من الفتيات وهن على حالة منكرة، كيف انتشلوهن من بحور الظلمات، كيف صانوا أعراضهن، كيف أنقذوهن من براثن الكلاب المسعورة التي لا ترحم. لم يكن مَنْعُهن من التبرج في الأسواق تعدياً على حريتهن الشخصية أو تحكماً بهن، بل صيانة لهن وحفاظاً عليهن.

واسألوا الشباب كم تائبٍ تاب على أيديهم، وكم ضائع اهتدى بسببهم بعد الله، وكم حائر أخذوا بيده إلى الطريق القويم، كم مدمن للخمر انتشلوه حفاظاً على دينه وصحته، وكم من تارك للصلاة أرجعوه إلى دائرة الدين، كم من معاكس أوقفوه عند حده ومنعوه من اللعب بأعراض الناس، وكم من متشبه قوّموه وأرشدوه، كم من فرد كان على شفا الوقوع في الفاحشة والهاوية ووجدَ رجال الهيئة يبصِّرونه بما ينفعه ويحذرونه مما يضره، كم مروِّج للأشرطة الفاضحة والسموم المهلكة وقع في أيديهم فمنعوا شره عن المسلمين، كم وكم، ألا ترونهم في الأسواق وفي أماكن التجمعات آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر؟! أهم ينتظرون مكافأة أو جزاء؟! تكفيهم المكافأة التي وعدهم بها الله سبحانه: {وَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (88) سورة التوبة، والمكافأة التي وعدهم بها رسول الله: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً".

هذه هي الهيئة، وهؤلاء هم رجالها، ومع كل أسف استغلّ بعض مرضى القلوب ممن يتصيّدون في الماء العكر ـ في الأيام الماضية ـ بعض الأحداث، فظهرت كتابات عفنة ومقالات موبوءة، أقحموا فيها الهيئة، فانكشف ـ والحمد لله ـ عند الكثيرين أمرهم، وظهر غباؤهم، لقد انطلقوا يهذون بما لا يدرون، ويهرفون بما لا يعرفون، يقلد بعضهم بعضا، ويتحاكون تحاكي الببّغاء.

وكل ينفق مما عنده، وكل إناء بما فيه ينضح، نفوس جبلت على المقت والبغضاء والكراهية والشحناء.

وإنا لنعجب ـ والله ـ بعد هذا لمن يتناول رجال الهيئات سباً وتأثيماً، ويتعرض لهم قذفاً وتلفيقاً، وحسبه من الإثم أن يقف في طريق من يأمر بحدود الله وينهى عن محارمه، وإن ترخص أناس في الكلام فيهم لأنهم ـ كما يزعم هؤلاء ـ يتعدون على خصوصيات الناس وحرياتهم الشخصية، فنقول: أي حرية في التعدي على حدود الله ومحارمه؟! أي حرية في التعرض لأعراض المسلمين؟! أي حرية في العبث بفتيات الأمة؟! أي حرية في شرب الخمر والمتاجرة بها؟! أي حرية في التبرج والسفور وإشاعة الفاحشة بين المؤمنين؟! أي حرية في التشبه بالنساء وإضاعة حقوق الله والتعدي على محارمه؟! نعم، أي حرية هذه؟!

إن الحرية الشخصية لها حدود مقيدة بالكتاب والسنة، ونحن نقرأ قوله: "كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه"، ولهذا وذاك كان واجباً أن يتصدى من الأمة من يقوم بهذا الدور المهم، والضرب على أيدي المفسدين، وثني الضالين عن ضلالاتهم. نعم، إذا خلا أحدهم بنفسه وبين أسوار بيته فليمارس ما شاء من حرية شخصية، والله تعالى له بالمرصاد، لا تخفى عليه خافية، ولن يتسلق على بيته أحد، أما أن يخرج إلى الشارع أو تخرج المرأة إلى السوق والمطاعم والميادين والتجمعات بكل هذه الفواحش والقبائح والرذائل فكلاّ وألف كلا، هذه فوضى وليست من الحرية في شيء، ولك أن تتصوّر كيف يتحول حال الأمة إذا تصرف كل فرد فيها على هواه وأتى من المحارم ما أراد ومتى شاء، كم من الأعراض ستنتهك؟! وكم من الأمانات ستضيع؟! وكم طاقات للشباب ستستنزف؟! وكم يبلغ الوقت المهدر من عمر هذه الأمة؟! ولك أن ترى حال بعض الدول التي ظلمت نفسها بتركها هذا الواجب وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إما جهلاً أو تجاهلاً، وانظروا كيف يعانون، ومن تحت الأنقاض يصرخون، ويطالبون بالأمن ولا أمن، يطالبون بصون الأعراض، يطالبون بوقف نزيف تضييع الدين، ولكن لا فائدة، فالحمد لله الذي قيَّض لنا تحقيق هذا الواجب وألهم رجالاً مقتدرين على حمله بأمانة، ففي كل وقت تراهم يجوبون الأحياء بحثاً عن معروف يأمرون به ومعصية ينهون عنها.

جهاز يرعى شعيرة عظيمة

ويقول د. فهد سعد الجهني:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير