في هذه المرحلة يستطيع الطفل أن يفهم الحكمة من الحج، فهو المؤتمر الإسلامي الأكبر الذي يجمع المسلمين من شتى بقاع الأرض،ومن كل فج عميق؛على اختلاف ألوانهم وأجناسهم ولغاتهم،ولا يتبقى لهم لغة إلا لغة التوحيد والإخلاص لله تعالى والتجرد له وحده، دون الأهل والولد والمال،وغيرهم؛ "ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام" فيختلطون ويتعارفون ويؤْثرون بعضهم بعضا ويتعاونون، ويعلمون أنهم جميعا في دين الله إخوانا.
(وأنه رحلة الاتجاه إلى الله وحده بالنفس والقلب والحواس، وهي بداية عهد وميثاق جديد مع مالك الملك الغني عن العالمين، وهي رحلة إعلان الرفض للشيطان،ومناهجه وخطواته، وهي تعبير عملي وإعلان عن بدء حياة جديدة في طريق الحق، وعن الخضوع المطلق لله ... فهي شرف لا يطاوله شرف آخر، فتلبية دعوة الله شرف وتكريم من الله تعالى للحاج، فمن قصد البيت شهد الجدران وكسوة الأركان، ومن قدِم على رب البيت شهد من جلاله ما هو أهل له)
وأن (الحج هو جهاد النساء، فقد سألت عائشة رضي الله عنها قالت:
" يارسول الله،هل على النساء من جهاد؟ "
قال:"عليهن جهاد لا قتال فيه .. الحج والعمرة "
ويقول صلى الله عليه وسلم:" الحُجاج والعُمَّار وفد الله،إن دعوه أجابهم وإن سألوه أعطاهم، وإن استغفروه غفر لهم"
وفي هذه المرحلة يمكن أن نفهمهم المزيد عن آداب وأخلاقيات الإسلام،ومنها ما حواه هذا الحديث الشريف من منهاج جامع للمسلم:" اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخُلقٍ حسن" (فهو يحدد علاقة الإنسان مع ربه أولاً، فيقول له: إجعل بينك وبين عذاب الله تعالى وقاية من خلال خشيته في السر والعلن، فإن كان الخلق لا يرونك في موضع، فالله يراك في كل المواضع؛ ثم علاقته مع نفسه قائلاً له: لا تقسُ كثيراً على نفسك إذا وقعت في معصية وإن كبُرَت، فأنت بشر، وكل ابن آدم خطَّاء وخير الخطَّائين التوابون، فإياك أن تتصور أن ذنبك أكبر من عفوه تعالى، إذا عصيته فلا تيأس وإنما سارع بالتوبة والأعمال الصالحة قبل أن يتلقاك الشيطان وأعوانه فيصدوك عن سبيل الله؛وفي النهاية تعامل مع الناس -كل الناس- بأخلاق نبيك الكريم، الذي كان أعداءه يحبونه ويشهدون بحسن خلقه قبل أصدقاءه، ولنا فيه الأسوة الحسنة)
ومن المفيد أن نهدي إليه كتيب يحوي الأدعية الخاصة بالنوم والاستيقاظ وتناول الطعام والدخول للخلاء والخروج منه ودخول البيت والمسجد ... إلخ؛أو نلصق ملصقات بها هذه الأدعية في أماكنها المختلفة بالبيت، حتى يحفظها.
مرحلة الخامسة عشرة حتى الثامنة عشرة
في هذه المرحلة يجب أن نوجه أبناءنا-بالحُسنى- إلى أن:
• شهادة التوحيد يجب أن تكون بالقلب واللسان، فالمسلم قد ينطق بالشهادة بلسانه، ولكنه يشرك مع الله تعالى ماله أو وولده، أو زوجته،أو أهواءه، أو عمله، أو الموضة، أو الناس ... إلخ،وذلك بأن يحب أحد هؤلاء أكثر مما يحب الله عز وجل، أو يفضل ما يمليه عليه هؤلاء على مراد الله وأوامره ونواهيه. فينبغي أن يدرب نفسه –بمساعدة الوالدين أو المربين-على الإخلاص لله في القول والفعل؛ و أن يعلم أن مادون الله باطل،وأنه ينبغي أن يؤْثِر الله الباقي على كل ما هو دونه مما هو فانٍ.
ويمكن أن نناقش معه بعض معاني آية الكرسي-التي جمعت أصول التوحيد كلها على أتم وجه وأبلغ أسلوب في جمل موصولة من غير فاصل بينها بحرف من حروف العطف، فهي موصولة المبنى والمعنى، ويفسر بعضها بعضاً-كما ذكرها الدكتور "محمد بكر إسماعيل": (فالله هو المعبود بحق، ولا معبود سواه وهو الحي الباقي بقاءً سرمدياً،حياة لا يشاركه فيها أحد، وهو مدبر الأمر الذي يسوس المُلك بعلمه المحيط وإرادته التامة، وقدرته المهيمنة، فمن شأن المعبود بحق أن يقوم على حاجات عباده وتصريف شؤونهم!! .. إلخ
¥