تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

نعيم أهل الجنة: فهو مع كونه مخلوقا، فكيفيته غير معلومة، وإن علم معناه، فالعقل يدرك معاني: النساء، والخمر، واللبن، و .......... إلخ، ومع ذلك يقف عاجزا عن معرفة كيفياتها في دار النعيم الأخروي، فإذا كان هذا جائزا في مخلوقين اشتركا في معنى الاسم دون حقيقته، فهو جائز، بل واجب في حق الله، عز وجل، من باب أولى لأنه الخالق المباين لخلقه.

والمثل الثاني:

الروح: فهي، أيضا، مع كونها مخلوقة لا تدرك العقول حقيقتها، مع اشتراكها مع البدن الكثيف في اسم "الوجود"، فكلاهما: موجود.

محذورات هذه القاعدة:

نوعا القياس المنفيين: قياس التمثيل، وقياس الشمول، خلاف قياس الأولى، فهو القياس الوحيد الجائز في حق الله، عز وجل، وإليه أشار شيخ الإسلام، رحمه الله، بقوله: "وهذا النمط هو الذي كان السلف والأئمة كالإمام أحمد وغيره من السلف يسلكونه من القياس العقلي في أمر الربوبية وهو الذي جاء به القرآن وذلك أن الله سبحانه لا يجوز أن يدخل هو وغيره تحت قياس الشمول الذي تستوي أفراده ولا تحت قياس التمثيل الذي يستوي فيه حكم الأصل والفرع فإن الله تعالى ليس كمثله شيء لا في نفسه المذكورة بأسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله ولكن يسلك في شأنه قياس الأولى كما قال ولله المثل الأعلى.

فإنه من المعلوم أن كل كمال ونعت ممدوح لنفسه لا نقص فيه يكون لبعض الموجودات المخلوقة المحدثة فالرب الخالق الصمد القيوم القديم الواجب الوجود بنفسه هو أولى به وكل نقص وعيب يجب أن ينزه عنه بعض المخلوقات المحدثة الممكنة فالرب الخالق القدوس السلام القديم الواجب وجوده بنفسه هو أولى بأن ينزه عنه".

ومن قاس الله، عز وجل، على عباده فمآله إلى:

التشبيه، أو التعطيل، بعد أن يشبه، فيفر من التشبيه إلى التعطيل، فـ:

المشبه معطل لله، عز وجل، عن صفات كماله، لأنه شبهها بصفات المخلوق الناقص.

والمعطل مشبه قبل أن يكون معطلا، لأنه ما عطل إلا فرارا من الصورة التي شبه الله، عز وجل، بها.

وقد قرر شيخ الإسلام، رحمه الله، في هذا الباب:

قاعدة: "ما من شيئين إلا بينهما قدر مشترك وقدر فارق، فمن نفى القدر المشترك فقد عطل، ومن نفى القدر الفارق فقد مثل"، وفيها رد على كلا الطائفتين:

فالممثل: غلا في إثبات القدر المشترك ونفي القدر الفارق.

والمعطل: غلا في إثبات القدر الفارق ونفي القدر المشترك، حتى نفى المعنى الكلي الذي لا يوجد إلا في الأذهان، والذي لا يمكن فهم الكلام إلا بإثباته، فمعنى: (ليس كمثله شيء) عنده: ليس كمثله شيء في أي شيء!!!، ولو في معاني الصفات الكلية التي لا يلزم من إثباتها تمثيل، فصفات الله، عز وجل، وصفات مخلوقاته من قبيل "المشترك اللفظي" عنده، لا تشترك إلا في حروفها دون معانيها، والصحيح أنها: "متواطئة"، أو مشتركة: "اشتراكا معنويا"، فأصل المعنى الذي يدركه العقل مشترك، وأما الكيفية خارج الذهن فلا.

فالممثل يعبد صنما نحته في ذهنه، والمعطل يعبد عدما لا وجود له إلا في ذهنه، إذ يستحيل أن توجد ذات مجردة من أي صفة في الخارج، وإنما توجد هذه الذات في الأذهان دون الأعيان، فما أشبه قوله بقول الفلاسفة: هو: الوجود المطلق بشرط الإطلاق عن أي قيد!!!!، وإلى هذين الصنفين أشار شيخ الإسلام، رحمه الله، بقوله: "الممثل يعبد صنما والمعطل يعبد عدما".

&&&&&

القاعدة الثانية:

إثبات الصفات على مراد الله، ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذ الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم هو: أعلم الخلق بربه، وأقدرهم على البيان، بما أوتي من فصاحة وجوامع كلم، وأنصحهم للعباد، فلو كان لهذه الصفات معان لا تدل عليها ظواهرها لبينها لأمته، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فلا يعقل أن البيان قد تأخر إلى أن ظهر المتكلمون الذين زعموا العلم والحكمة في طريقتهم، ونسبوا السلف إلى السلامة، زعموا!!!!، فلازم كلامهم وصف خير قرون الأمة بـ: الغفلة والسذاجة.

فمدار الأمر على: إثبات الصفات بلا تشبيه، و: تنزيه الباري عن مماثلة خلقه بلا تعطيل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير