اسم الله: الحميد، واسم الله الشكور: فكلاهما اسمان لله، عز وجل، مختلفان في الجذر متقاربان في المعنى، لكن لا يتطابقان، وقد جمع بينهما النبي صلى الله عليه وسلم في حديث واحد، بأداة العطف، والأصل في العطف التغاير، فقال في حديث سعد بن أبي وقاص، رضي الله عنه، مرفوعا: (عجبت للمؤمن إن أصابه خير حمد الله وشكر، وإن أصابته مصيبة حمد الله وصبر).
يقول أبو هلال العسكري رحمه الله: (يعطف الشيء على الشيء وإن كانا يرجعان إلى شيء واحد إذا كان في أحدهما خلاف للآخر).
وقد ذكر في الفرق بينهما أن الشكر هو: الاعتراف بالنعمة على جهة التعظيم للمنعم ولا يصح إلا على النعمة، أما الحمد فهو الذكر الجميل على جهة التعظيم ويصح على النعمة وغير النعمة.
ومن الفروق بينهما أيضا: أن الحمد على المكروه لا يكون إلا لله، عز وجل، اعترافا بعظمته وقدرته على إيقاع الابتلاء ورفعه، بينما الشكر يكون للرب، عز وجل، ولمن أسدى إليك معروفا من خلقه.
ومن باب إتمام الفائدة فإن: الحمد لا يقع إلا على الأمور الاختيارية، بينما يقع المدح على الأمور الاختيارية والأمور الجبلية، فيمدح المرء على صبره، وهو اختياري، وعلى جماله، وهو جبلي.
والجهة الثانية:
جهة الاختلاف في الميزان الصرفي مع الاتحاد في الجذر اللغوي، فيظن تكرارهما، ومن ذلك:
الاشتقاق من فعلين يختلفان في التجرد والزيادة، كاسم الله: المبين والقيوم:
فإن كانا مشتقين من المجرد كـ: بان وقام: حمل الاسم المأخوذ من الفعل اللازم: مجرد أصل المعنى، وهو الظاهر الواضح المتميز في "المبين"، والقيام بالنفس وكمال الوصف والبقاء على الدوام في "القيوم".
وإن اشتقا من الفعلين المتعديين: أبان وأقام، كان معنى: "المبين": المظهر لغيره، و "القيوم": المقيم لغيره، فاسم الله "القيوم" يتضمن ثلاثة معاني:
*****
الأول: القائم بنفسه المستغني عن غيره، فلا يفتقر إلى سواه، وكل ما سواه مفتقر إليه.
والثاني: المقيم لغيره، فلا استغناء لخلقه عن قيوميته.
والثالث: القائم على غيره بإحصاء عمله.
*****
ومنه: اختلاف الوزن عن طريق اشتقاق الاسم من فعلين مزيدين يختلفان في نوع الزيادة مما جعل كلا منهما يكتسب معناه الصرفي من معنى فعله المزيد، كـ:
القادر والمقتدر، من: قدر واقتدر.
و: العلي والمتعال، من: علا وتعالى، فـ: العلي: الذي يتصف بعلو الفوقية، و: المتعال: الذي يتصف بعلو الشأن على سبيل المبالغة والإطلاق.
و: الكبير والمتكبر: فالتاء في "المتكبر"، كما ذكر البيهقي، رحمه الله، تاء التفرد والتخصيص بالكبر، لا تاء التعاطي والتكلف، فالتاء في حق غير الله، عز وجل، تفيد نوع تكلف، كـ: ترأس فلان، أي تكلف أسباب الرئاسة وإن لم يكن أهلا لها.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أن أسماء الله التي هي صيغة مبالغة كلها مجاز، إذ هي موضوعة للمبالغة ولا مبالغة فيها، لأن المبالغة هي: أن تثبت للشيء أكثر مما له من صفات، وعرفها بعض البلاغيين بقوله: هي أن يدعي المتكلم لوصف، بلوغه في الشدة أو الضعف حدا مستبعدا أو مستحيلا، وكلاهما لا يليق بالله، عز وجل، لأن صفات الله تعالى متناهية في الكمال لا حد لكمالها ليقال بأن المتكلم قد بالغ فزاد فيها، ويستحيل عليها النقص، بأي وجه من الأوجه، فضلا عن أن يقال ببلوغها الشدة في الضعف، فالمبالغة إنما تكون في صفات تقبل الزيادة والنقصان، وصفات الباري، عز وجل، منزهة عن ذلك.
وذهب بعض المحققين إلى أن المبالغة هنا لا تكون في الفعل، وإنما في مفعولات الرب، تبارك وتعالى، وكثرة متعلقاتها، فالله: تواب لكثرة قبوله من يتوب إليه من عباده، والله قدير باعتبار كثرة المقدورات .............. إلخ، والله عليم باعتبار عموم العلم لكل الأفراد لا باعتبار المبالغة في الوصف، إذ العلم لا يصح التفاوت فيه.
ويدخل في ذلك صفات المبالغة المنفية كقوله تعالى: (ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ)
يقول أبو السعود رحمه الله: وقيل: هي لرعاية جمعيةِ العبيدِ من قولهم: فلانٌ ظالمٌ لعبده وظلاّم لعبيده على أنها للمبالغة كماً لا كيفاً.
ومن التنوع الدلالي أيضا:
¥