الفرق بين معاني الصيغ داخل المشتق الواحد، فمن المشتقات ما له أكثر من صيغة، كصيغة المبالغة: فعول، فعال، مفعال، فعل، ............. إلخ.
فعلى سبيل المثال: صيغ "فعلان" و "فعيل" و "فعل":
الأولى: تفيد ثبوت الصفة بشكل أقل، ولكنها في نفس الوقت تدل على معنى الامتلاء.
والثانية: تفيد الصفة بقدر كبير من الدوام والاستمرار نحو: طويل، وقصير، وعقيم، أو على وجه قريب من ذلك نحو: نحيف وسمين، لأن النحيف قد يسمن، والسمين قد يهزل
والثالثة: ترتبط عادة بالصفات الداخلية مثل: فرح وطرب وقلق.
وصيغ المبالغة تختلف في درجة قوتها تبعا لاختلاف أبنيتها على حد قول البلاغيين: زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، فوزن "فعال" أو "فعول" كـ: قيوم، و "فعول" كـ: سبوح، أدل على المبالغة من "فعول" كـ: أكول، أو "فعيل"، وهما أدل على المبالغة من "فعل".
ومن ذلك أيضا:
تميز صيغة "فعيل" في إفادة المبالغة في الصفات الدالة على الثبوت كـ: عليم: لكثرة علمه وتبحره فيه حتى صار له طبيعة وسجية ملازمة.
يقول أبو هلال العسكري رحمه الله: (إذا كان الرجل قويا على الفعل قيل: فعول مثل: صبور وشكور، وإذا فعل الفعل وقتا بعد وقت قيل: فعال مثل: علام وصبار، وإذا كان عادة له قيل: مفعال مثل: معوان ومعطاء ........... ومن لا يتحقق المعاني يظن أن ذلك كله يفيد المبالغة فقط، وليس الأمر كذلك، بل هي مع إفادتها المبالغة تفيد المعاني التي ذكرناها).
ومعظم الأسماء الحسنى جاءت على صيغ دالة على الفاعل: فمنها ما دل على وجود الصفة دون قصد المقارنة، ويضم اسم الفاعل وهو: ما يدل على التجدد والحدوث كـ: الخالق، والقاهر، والرازق، والمالك، والقادر، والوارث، والتجدد هنا لا يعني وجود الصفة بعد عدم، فالله، عز وجل، متصف بصفات الكمال المطلق أزلا وأبدا، وإنما يعني حدوث آحاد الصفة، إن كانت فعلية تتعلق بالمشيئة، مع اعتقاد قدم وأزلية نوعها، فالله، عز وجل، متصف بالخلق، قبل أن يخلق، لم يستفد اسم الخالق بعد أن خلق، وإنما حدثت آحاد صفة الخلق تبعا لمشيئته، عز وجل، فشاء أن يخلق فلانا فخلقه، ثم شاء أن يخلق فلانا فخلقه .............. إلخ.
تماما كما يقال في صفة "الكلام": فهي قديمة النوع، حادثة الأفراد، فالله، عز وجل، يتكلم بما شاء متى شاء كيفما شاء، ولا يعني ذلك قيام الحوادث بذاته، كما ادعى المتكلمون، لأن الإنسان، وهو مخلوق لله، عز وجل، يوصف بالكلام، وإن لم يتكلم فيقال: فلان متكلم بالقوة، أي أن لديه القدرة على الكلام وإن لم يتكلم بالفعل، فإذا تكلم صار متكلما بالفعل، فإذا كان هذا كمالا مطلقا في حق المخلوق، فالله، عز وجل، أولى به لأنه خالقه، وخالق الكمال أولى به، ولا إشكال في استعمال قياس الأولى في هذا الموضع، لأن النص قد جاء ابتداء بإثبات صفة الكلام لله، عز وجل، فجاء القياس عاضدا للنص مؤكدا له، لا أصلا منفردا بإثبات الصفة، لأن هذا الباب غيبي توقيفي لا يصار فيه إلى القياس إلا على سبيل التبع، يقول الحافظ ابن عبد البر رحمه الله: (لا خلاف بين فقهاء الأمصار وسائر أهل السنة، وهم أهل الفقه والحديث، في نفي القياس في التوحيد وإثباته في الأحكام)، وكما تقدم مرارا، القياس المنفي هنا هو: قياس التمثيل وقياس الشمول الفاسدين، لا قياس الأولى.
ومن أسماء الله، عز وجل، ما يدل على الصفة المشبهة وهي: ما يدل على الثبات والدوام كما في وزن "فعلان" كـ: "الرحمن"، ووزن "فعول" كـ: "القدوس"، ووزن "فعل" كـ: "الأحد" و "الصمد" و "الحكم"، ووزن "فعل" كـ: "البر" و "الحق" و "الحي" و "الرب"، ووزن "فعول" كـ: "القيوم".
ومنها ما دل على صيغ المبالغة: وهي ما يدل على التأكيد والمبالغة في الشيء:
كالأسماء التي وردت على وزن "فعال" مثل: التواب، والغفار، والفتاح، والجبار، والوهاب، والقهار، والخلاق، والرزاق.
وعلى وزن "فعيل" كـ: السميع و البصير والعليم والخبير والحسيب والنصير والحفيظ والرقيب ..... إلخ
وعلى وزن فعول كـ: الرءوف الودود الشكور العفو الغفور.
وعلى وزن فعل كـ: الملك.
¥