تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما قوله: (سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ)، فإنه قد يفيد بظاهره، بادي الرأي، أن أسماء الله، عز وجل، منها: ما سمى به نفسه، ومنها ما سماه به غيره، فالقسمة العقلية هنا: ثنائية، فنص على أحدهما وأومأ إلى الآخر، وهذا معنى غير مقصود هنا، لأن أسماء الله، عز وجل، توقيفية، لا تعرف إلا بنص الشارع، عز وجل، عليها، ووصف: (سميت به نفسك): لا مفهوم له، ليقال بأن من أسماء الله، عز وجل، ما سمى به نفسه، ومنها ما سماه به غيره، وإنما هو من قبيل: الصفة الكاشفة، التي تفيد التوكيد على المعنى دون نظر إلى مفهوم مخالفتها، تماما كقوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا)، فلا يقول أحد بأن النهي عن الشرك إنما توجه إلى ما لم ينزل به الله، عز وجل، سلطانا، فيفيد بمفهوم مخالفته: جواز إشراك ما نزل الله به سلطانا معه في العبادة!!!، وإنما هو كما تقدم من قبيل: الصفة الكاشفة التي تزيد المعنى بيانا، ويشبهه إلى حد كبير من كلامنا الدارج قولك: رأيته بعيني وسمعته بأذني، مع أن المخاطب يعلم جيدا أنك ما رأيته إلا بعينك، لأنها جارحة الإبصار، وما سمعته إلا بأذنك لأنها جارحة السمع، ولكنك قصدت مزيد توكيد.

وأما حديث: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)

فإن ظاهره، بادي الرأي، يوحي بقصر أسماء الله، عز وجل على: 99، وهو ما رجحه ابن حزم، رحمه الله، أخذا بظاهر أسلوب القصر في قوله: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ)، فتقديم الخبر، متعلق الجار والمجرور: "لله"، على اسم إن "تسعة" يفيد قصره عليه، أي: قصر أسماء الله، عز وجل، على هذا العدد: 99، ولكن عند النظر إلى بقية النص، يظهر لنا قيد لهذا الإطلاق، وهو قوله: (من أحصاها دخل الجنة)، أي أن: لله، عز وجل، 99 اسما، موصوفة بأن من أحصاها دخل الجنة، فجملة: (مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ): صفة لـ: تسعا وتسعين، فيستفاد من مفهوم الصفة، أن لله، عز وجل، أسماء أخرى لا تشترك مع هذه الأسماء في هذا الحكم، تماما كما تقول: عندي: 99 درهما أعددتها للصدقة، فإن هذا الحصر لا يمنع وجود دراهم أخرى عندك أعددتها لغير الصدقة.

ومع أول الأسماء حسب الترتيب الذي ارتضاه الشيخ المؤلف حفظه الله:

1ـ الرحمن:

فالرحمن: صفة مشبهة على وزن: "فعلان" التي يفيد الامتلاء، وهي أعم من الرحيم من جهة أن وصف الرحمة المستفاد منها: عام يشمل جميع الخلائق، بينما وصف الرحمة المستفاد من: "رحيم": خاص لا يشمل إلا المؤمنين، وعليه يكون الرحمن: جاريا على أهل الدنيا، والرحيم: جاريا على المؤمنين في الآخرة دون من سواهم.

فـ "الرحمن" أعم من جهة الفعل، لأنه يشمل المؤمن والكافر، بينما "الرحيم": لا يشمل إلا المؤمن، وهو أخص من جهة أنه لا يسمى به إلا الله، عز وجل، بينما اسم: "رحيم" قد يطلق على بعض الخلق، فيوصف فلان بأنه: رحيم ولا يقال: رحمن.

يقول القرطبي رحمه الله: الرحمن خاص الاسم عام الفعل والرحيم عام الاسم خاص الفعل وهذا قول الجمهور.

ومن اللطائف التي أشار إليها الشيخ، حفظه الله، هو اقتران هذا الاسم الذي يدل على سعة الرحمة باستواء الله، عز وجل، على عرشه، الذي هو أوسع مخلوقاته، فاستوى، عز وجل، على أوسع المخلوقات بأوسع الصفات.

2_ الرحيم:

وهو صيغة مبالغة "فعيل" بمعنى: "فاعل"، "رحيم" بمعنى: "راحم"، وسبق أنه يدل على رحمة خاصة بالمؤمنين يوم القيامة.

3_ الملك:

وأصل الملك في اللغة: الربط والشد، يقول ابن فارس رحمه الله: (أصل هذا التركيب يدل على قوة في الشيء وصحة، ومنه قولهم: ملكت العجين أملكه ملكا إذا شددت عجنه وبالغت فيه).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير