تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فالقدر، كما تقدم، فعل الله، عز وجل، وفعله فرع عن ذاته، فكيف ينظر عاقل في فرع لم يطق إدراك كيفية أصله ابتداء، وكما سبق في مقدمات هذه المشاركة: القول في الصفات والأفعال كالقول في الذات، فكيفية الأولى غير معلومة لنا قياسا على كيفية الأخرى، وإن كان لكلها كيفية، ولكن عقولنا لا تطيق إدراك هذه الحقائق الغيبية التي ابتلينا بالإيمان بها دون أن نراها، مصداقا لقوله تعالى في وصف المؤمنين: (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ).

ومع إرادة الله، عز وجل، الشر، كونا لا شرعا، كما تقدم، إلا أنه، عند التحقيق، ليس شرا محضا، ففيه من المصالح ما قد يغفل عنه العقل القاصر ابتداء، فلا يدرك حكمة وقوعه، وما يترتب عليه من مصالح آجلة تفوق مفسدته العاجلة، فالشر لا ينسب إلى الله، عز وجل، إلا من جهة الخلق، لا المحبة والرضا، وفي حديث علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، مرفوعا: (وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي يَدَيْكَ وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ)، فهو شر باعتبار المقدور لا ذات القدر الذي هو فعل الله، عز وجل، وكم من المصائب والبلايا والأمراض ما قد نتج عنها أضعاف أضعافها من المصالح التي ما كانت لتتحقق لولا وقوعها، فـ: (لَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ)، ولولا الكفر لما عرف فضل الإيمان، ولولا اعتداء أهل الباطل على أهل الحق، لعطلت سوق الجهاد، بالحجة والبرهان تارة، وبالسيف والسنان، تارة أخرى، وبضدها تتميز الأشياء، ولولا المرض، لما انكسر العبد لربه، بل إن كثيرا من الأمراض تساعد على قتل بكتيريا وفيروسات مسببة لأمراض أخرى، فتكون ابتلاء من جهة، وعافية من جهة أخرى، ولولا فقد الأحبة لما حمد العبد واسترجع، ونال أجر الصابر المحتسب.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 09 - 2007, 11:00 م]ـ

ومع:

10_ المتكبر:

فالمتكبر: اسم فاعل من "تكبر"، والتاء فيه، كما سبقت الإشارة إلى ذلك من كلام الحافظ البيهقي رحمه الله: تاء التفرد والتخصيص بالكبر، لا تاء التعاطي والتكلف، فالتاء في حق غير الله، عز وجل، تفيد نوع تكلف، كـ: ترأس فلان، أي تكلف أسباب الرئاسة وإن لم يكن أهلا لها.

وأصل الكبر: العزة والامتناع.

فالكبرياء، في حق الباري، عز وجل: كمال مطلق، ولذا كانت التاء في اسمه "المتكبر": تاء التفرد، فهو سبحانه وتعالى: المنفرد بالكبرياء، لأن له من صفات الكمال الأزلي الأبدي المطلق ما استحق به أن يوصف بالكبرياء: وصف كمال لا يعتريه أي نقص.

وهو في حق المخلوق: نقص مطلق، لأن صفات المخلوق، مهما بلغت من الحسن، لا تصل إلى درجة الكمال المطلق التي يتصف به الباري، عز وجل، ولذا كانت التاء في "المتكبر" إذا أطلق على أحد من البشر: تاء تكلف وافتعال، فهو متكلف ما ليس أهلا له، لنقص ذاته وصفاته، فكيف ينازع من اتصف بالنقص من اتصف بالكمال وصفا من أخص أوصافه؟!!!، أي تكلف وافتعال أكبر من هذا؟!!!.

يقول شيخ الإسلام رحمه الله:

"وهذا هو حقيقة دين الإسلام الذى أرسل الله به رسله وأنزل به كتبه وهو أن يستسلم العبد لله لا لغيره فالمستسلم له ولغيره مشرك والممتنع عن الاستسلام له مستكبر، وقد ثبت فى الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الجنة لا يدخلها من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر)، كما أن النار لا يدخلها من في قلبه مثقال ذرة من إيمان، فجعل الكبر مقابلا للإيمان فإن الكبر ينافي حقيقة العبودية كما ثبت فى الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (يقول الله: العظمة إزاري والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدا منهما عذبته)، فالعظمة والكبرياء من خصائص الربوبية والكبرياء أعلى من العظمة ولهذا جعلها بمنزلة الرداء كما جعل العظمة بمنزلة الإزار.

ولهذا كان شعار الصلوات والأذان والأعياد هو التكبير وكان مستحبا فى الأمكنة العالية كالصفا والمروة وإذا علا الانسان شرفا أو ركب دابة ونحو ذلك وبه يطفأ الحريق وإن عظم وعند الأذان يهرب الشيطان، قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير