تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أفعاله وآحادها المتعلقة بمشيئته غير مخلوقة، وذات المخلوق وصفاته، وأنواع أفعاله وآحادها المتعلقة بمشيئته مخلوقة، فكيف يقاس الخالق على المخلوق، ليتوصل بذلك إلى نفي صفات الخالق، عز وجل، فرارا من ناتج هذا القياس الفاسد؟!!!!.

وبمصطلحات المتكلمين الفلسفية يقال بأنه جل وعلا قبل أن يتكلم: "متكلم بالقوة"، فهو متصف بالقدرة على الكلام، وإن لم يشأ أن يتكلم، فإذا شاء أن يتكلم فهو: "متكلم بالفعل"، وهو قبل أن يخلق: "خالق بالقوة"، فهو متصف بالقدرة على الخلق، وإن لم يشأ أن يخلق، فإذا شاء أن يخلق فهو: "خالق بالفعل" ................ إلخ، فالقول في بعض الصفات كالقول في بعض.

فلم يكن جل وعلا، معطلا عن كمالاته المطلقة ثم اتصف بها لما خلق ورزق وتكلم .......... إلخ، بل له الكمال المطلق: أزلا وأبدا.

وما أجمل قول عثمان بن سعيد الدارمي رحمه الله: (ولن يدخل الإيمان قلب رجل حتى يعلم أن الله تعالى لم يزل إلها واحدا بجميع أسمائه وصفاته لم يحدث له منها شيء كما لم تزل وحدانيته).

ومع:

15_ الآخر:

فالآخر في اللغة اسم فاعل لمن اتصف بالآخرية: أخر يأخر أخرا.

وآخرية الله، عز وجل، كأوليته: مطلقة، فهو الآخر الذي ليس بعده شيء، كما فسره النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، السابق وفيه: (وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ)، فأكد إثبات الآخرية: (أنت الآخر)، بنفيها عمن سواه: (فَلَيْسَ بعدك شَيْءٌ)، تماما كما في اسمه: الأول.

والآخر سبحانه هو: المتصف بالبقاء والآخرية، فهو الآخر الذي ليس بعده شيء الباقي بعد فناء الخلق.

وقد يشكل على ذلك: القول بخلود أهل الجنة والنار، فآخريتهم، من هذا الوجه، أيضا: مطلقة، فلا آخر لنعيم الأولين وعذاب الآخرين، فلو سلم بانتفاء أوليتهم المطلقة، لأنهم كانوا عدما قبل أن يخلقهم الله، عز وجل، فكيف يسلم بأن آخريتهم ليست كآخرية الله، عز وجل، ويدخل في ذلك أيضا: المستثنون من الصعقة في قوله تعالى: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ)، وهم: الشهداء والحور العين على قول، وأيا كانوا فهم مستثنون، فآخريتهم من هذا الوجه أيضا: مطلقة.

والجواب: أن آخريتهم، وإن كانت مطلقة، إلا أنها من الله، عز وجل، فليست آخرية ذاتية اتصفوا بها اتصاف من لا يفتقر إلى غيره، فهم مفتقرون إلى الله، عز وجل، من جهة إمدادهم بأسباب هذه الآخرية، خلاف آخرية الله، عز وجل، فهي آخرية مطلقة، لا يفتقر فيها إلى سبب، إذ كيف يفتقر خالق الأسباب إلى الأسباب التي خلقها؟!!!!

وهذا ما يعبر عنه العلماء بقولهم: هو باق، عز وجل، ببقائه، وهم باقون بإبقائه لهم، فالفعل: "بقي": لازم للذات المتصفة به، ذات الرب، جل وعلا، والفعل: "أبقى": متعد للذوات الأخرى، فهو، عز وجل، مبق، لهم.

وتأمل قوله تعالى: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)، فقدم محبته لهم على محبتهم له، لأن محبته من صفات أفعاله، وصفاته: أزلية أبدية، ومحبتهم، من صفات أفعالهم: مخلوقة لا يقدرون على إحداثها إلا إذا أمدهم الرب، جل وعلا، بأسبابها من عبادات قلبية وبدنية ونعم دينية ودنيوية، ونعيم سرمدي أبدي في الآخرة، فمحبتهم مفتقرة إليه: سببا وإيجادا،، ومحبته ذاتية لا تفتقر إلى سبب.

والأولية والآخرية المطلقة من لوازم الحياة الكاملة: فحياته، عز وجل، لم تسبق بعدم، وهذا مقتضى اسمه: الأول، ولا يلحقها فناء، وهذا مقتضى اسمه الآخر.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[د. عليّ الحارثي]ــــــــ[18 - 09 - 2007, 03:49 ص]ـ

جزاك الله خيرًا , وكتب أجرك, وأجزل لك الثواب.

ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 09 - 2007, 02:14 ص]ـ

وجزاك دكتور: شوارد، وكتب أجرك، وأجزل لك المثوبة، ونفعك ونفع بك أيها الكريم.

ومع:

16_ الظاهر:

فالظاهر في اللغة: اسم فاعل لمن اتصف بالظهور.

والظهور في اللغة يأتي على معان من أبرزها:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير