تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

العلو: فيقال: اعتلى فلان ظهر البيت، أي: أعلاه، ومنه قوله تعالى: (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا)، أي: فما اسطاعوا أن يعتلوه.

فالله، عز وجل، العلي: علو ذات، جاء به النقل ودل عليه العقل، لأنه من صفات الكمال المطلق، وعلو شأن، وعلو قهر.

و: الغلبة: فيقال ظهر فلان على فلان: أي غلبه وقهره، ومنه قوله تعالى: (فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ)، أي: غالبين، فالله، عز وجل، غالب، لا يقهره أحد، وهو الذي أمد عباده المؤمنين بأسباب الغلبة الشرعية، وفي التنزيل: (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ)، فإن خالفوها، جرت عليهم سنة الخذلان الكونية: (وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ)، فوكلوا إلى عددهم وعتادهم، فظهر عليهم عدوهم.

وقد يشكل على هذا المعنى قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)، فهو خبر عن ظهور هذا الدين مطلقا، والمسلمون اليوم، حالهم كما لا يخفى: حال ذل وانهزام، فكيف يكون الله، عز وجل، مظهرا لدينه مطلقا؟!!.

والجواب:

أن الانهزام الواقع اليوم: انهزام لأتباع الدين لا لذات الدين، فالدين ظاهر مطلقا: ظهور حجة وبرهان، فلا يقدر كافر أو مبتدع أن يقيم دليلا نقليا صحيحا أو عقليا صريحا على بطلان: ملة الإسلام، أو: نحلة أهل السنة والجماعة، ورثة علم النبوة.

وهو ظاهر: ظهور سيف وسنان: إذا قيض الله له أمراء وأجناد يقيمون شعيرة الجهاد على الوجه الشرعي.

وهو ما نفتقده اليوم، فالهزيمة ليست هزيمة منهج، وإنما هي: هزيمة أتباع منهج تركوه، وراحوا يلتمسون العزة في مناهج الشرق والغرب، وأنى لهم ذلك؟!!!

و: السند والحماية وما يركن إليه، فيقال: ظهر فلان بكذا: أي استند عليه وركن إليه وافتخر به.

فالله، عز وجل، هو سند عباده، الذي يلجئون إليه في قضاء حوائجهم وتفريج كروبهم.

والمظاهرة والمعاونة:

فيقال ظاهر فلان فلانا إذا أعانه، ومنه قوله تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ)

وهو قريب من المعنى السابق، فالله، عز وجل، هو الذي يعين عباده بإمدادهم بأسباب بقائهم، فهو الذي أقامهم وأعانهم ورزقهم، وهو بهذا المعنى يقترب من اسم الله عز وجل: "القيوم": بمعنى المقيم لعباده بإمدادهم بأسباب الحياة.

والظهور والبيان: فالله، عز وجل، ظاهر بين، قد أقام الأدلة العقلية والفطرية والحسية والشرعية على وجوده، وهذا من مقتضيات ربوبيته، الدالة على ألوهيته: دلالة لزوم، فمن عرف الله، حق المعرفة، لم يبغ ربا سواه، وإنما ضل من ضل في هذا الباب لجهله بربه عز وجل.

ومع:

17_ الباطن:

فالباطن: اسم فاعل لمن اتصف بالبطون، والبطون خلاف الظهور.

وفي التنزيل: (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ)، أي: وما خفي منها فلم يظهر.

والباطن، سبحانه، هو الذي لا يرى في الدنيا ولا يدرك في الآخرة، وإن كان يرى، فرؤيته يوم القيامة: رؤية تنعم لعباده المؤمنين، لا رؤية إدراك يلزم منها إحاطة الرائي بالمرئي، تعالى ربنا عز وجل أن يحيط به شيء من خلقه، وفي التنزيل: (وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ)، فإن رجع الضمير لذاته القدسية، فالآية نص في المسألة، وإن رجع لعموم علمه، دخل العلم بذاته القدسية وأسمائه الحسنى وصفاته العلى في عموم علمه، فالآية دالة على المطلوب في كلا القولين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير