ـ[مهاجر]ــــــــ[20 - 09 - 2007, 07:36 م]ـ
ومع:
20_ المولى:
فالمولى في اللغة: مصدر على وزن: مَفعَل، فعله: ولي يلي وليا وولاية.
والمولى من المشتركات اللفظية التي تدل على عدة معان متباينة على سبيل البدل، فإذا دل السياق على أحدها لم يدل على الباقي، خلاف المشتركات المعنوية التي ترجع في أصلها إلى معنى كلي واحد، وإن اختلفت حقائقها الجزئية عند التقييد.
فالمولى: اسْمٌ يقَع على جَماعةٍ كَثيِرَة فهو الرَّبُّ والمَالكُ والسَّيِّد والمُنْعِم والمُعْتِقُ والنَّاصر والمُحِبّ والتَّابِع والجارُ وابنُ العَمّ والحَلِيفُ والعَقيد والصِّهْر والعبْد والمُعْتَقُ، (فهو بهذين المعنيين: العبد والسيد، و: المعتِق والمعتَق من الألفاظ المتضادة التي تدل على المعنى وضده في نفس الوقت، كـ: "جلل"، فهو يطلق على العظيم من الأمور وعلى الحقير في نفس الوقت، وسياق النص هو الذي يعين المعنى المراد)، والمُنْعَم عَلَيه وأكْثرها قد جاءت في الحديث فَيُضاف كُلّ واحِدٍ إلى ما يَقْتَضيه الحديثُ الوَارِدُ فيه. وكُلُّ مَن وَلِيَ أمْراً أو قام به فَهُو مَوْلاهُ وَوَليُّه. وقد تَخْتَلِف مَصادرُ هذه الأسْمَاء فالوَلايَةُ بالفَتْح في النَّسَب والنُّصْرة والمُعْتِق. والوِلاَية بالكسْر في الإمَارة. والوَلاءُ المُعْتَق والمُوَالاةُ مِن وَالَى القَوْمَ.
"النهاية في غريب الحديث"، (5/ 510)، وما بين القوسين زيادة إيضاح للمتضادات اللغوية ليست في الأصل.
والفرق بين الوالي والمولى: أن الوالي هو الذي يتولى الإمارة فيكون واليا عليك وعلى غيرك، فولايته عامة، بينما المولى هو الذي يتولاك ولاية خاصة مقتضاها: النصرة والمحبة والتأييد، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ)، فعلي، رضي الله عنه، من سادات الأولياء، الذين فرض الله، عز وجل، محبتهم، شأنه في ذلك شأن: بقية العشرة والآل والصحب الكرام البررة رضي الله عنهم جميعا.
ومنه: قوله صلى الله عليه وسلم لزيد رضي الله عنه: (أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا)، فالولاية هنا، أيضا، ولاية خاصة تقتضي المحبة والنصرة.
والفرق بين الولي والمولى: أن الولي هو من تولى أمرك وقام بتدبير حالك وحال غيرك وهذه من ولاية العموم.
أما المولى فهو من تركن إليه، وتعتمد عليه، وتحتمي به في شدتك ورخائك، ويسرك وعسرك، فولايته، كما تقدم، ولاية خصوص.
فالله، عز وجل، هو مولى المؤمنين يكلؤهم ويحفظهم ويدبر أمرهم، تدبيرا خاصا يقتضي فلاحهم في الأولى والآخرة، خلاف التدبير الكوني العام الذي يشمل أمر المؤمن والكافر، ورزق المؤمن والكافر ............ إلخ، فلا يختص بالمؤمنين.
وفي الحديث: (مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ).
فلفظ: "وليا": نكرة في سياق الشرط تفيد العموم، فمن عادى لله وليا، بالمعنى الخاص، أي ولي، مطيع لله، عز وجل، ممتثل لأمره ونهيه، فقد آذنه الباري، عز وجل، بالحرب.
ومع:
21_ النصير:
فالنصير في اللغة: من صيغ المبالغة: فعيل بمعنى فاعل أو مفعول لأن كل واحد من المتناصرين ناصر ومنصور.
فصفة النصرة: صفة فعل تختص بالمؤمنين، فالنصر من الله، عز وجل، لا يكون إلا لعباده المؤمنين، وفي التنزيل: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ).
يقول ابن القيم، رحمه الله، في تفسير قوله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ)، أي: (متى اعتصمتم به تولاكم ونصركم على أنفسكم وعلى الشيطان، وهما العدوان اللذان لا يفارقان العبد، وعداوتهما أضر من عداوة العدو الخارج، فالنصر على هذا العدو أهم، والعبد إليه أحوج، وكمال النصرة على العدو بحسب كمال الاعتصام بالله).
ومع:
22_ العفو:
فالعفو في اللغة: على وزن فعول من: العَفْو، والعفو هو: محو الأثر فيقال، عفت الرياح الآثار إذا درستها ومحتها.
ومنه قول لبيد:
عفت الديار محلها فمقامها ******* بمنى تأبد غولها فرجامها
ويأتي العفو، أيضا، بمعنى: الزيادة.
يقول القرطبي رحمه الله:
(مأخوذ من قولك: عفت الريح الأثر أي أذهبته وعفا الشيء كثر فهو من الأضداد ومنه قوله تعالى: "حتى عفوا"). اهـ
أي: حتى كثروا، ومنه قوله تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ)، أي: ما فضل وزاد على نفقتكم، ومنه الأمر بإعفاء اللحى أي: تكثيرها
والعفو: صفة فعل تتعلق بمشيئة الله، عز وجل، وهي مختصة بعباده المؤمنين، فلا يكون عفو عن كافر مات على غير ملة الإسلام.
والله، عز وجل، هو الماحي لذنوب عباده المؤمنين، والفرق بينه وبين المغفرة أن العفو قد يكون بعد سابقة عذاب، تماما كما يصدر ملوك الدنيا عفوا عاما عن بعض السجناء لمناسبة دينية أو وطنية ....... إلخ، فيكون السجين قد أمضى زمنا من العقوبة، قبل صدور العفو عنه، ولله المثل الأعلى، بينما المغفرة تكون ابتداء بلا سابقة عذاب.
يقول القرطبي رحمه الله:
(العفو: عفو الله عزوجل عن خلقه وقد يكون بعد العقوبة وقبلها بخلاف الغفران فإنه لا يكون معه عقوبة ألبتة.
وكل من استحق عقوبة فتركت له فقد عفي عنه فالعفو: محو الذنب). اهـ
"تفسير القرطبي"، (1/ 397).
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
¥