وبهذا تتم هذه النبذة الموجزة عن هذه الأسماء الثلاثة، بما يغني عن الرجوع إليها مرة أخرى لضيق المقام، فيكون في هذه المداخلة نوع خروج على ترتيب الشيخ المؤلف، حفظه الله، لأنه ذكر: "القادر" و "المقتدر" في مواضع أخرى لا تلي "القدير" مباشرة.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[أبو طارق]ــــــــ[21 - 09 - 2007, 09:41 م]ـ
زادك الله من فضله
ـ[مهاجر]ــــــــ[23 - 09 - 2007, 02:53 ص]ـ
وزادك، أبا طارق، أيها الكريم الفاضل.
ومع:
24_ اللطيف:
فاللطيف في اللغة: صفة مشبهة للموصوف باللطف فعله: لطف يلطف لطفا، واللطف يأتي على معنيين:
رقة الشيء واستحسانه وخفته على النفس.
أو: احتجابه وخفاؤه، وهذا المعنى مما يصح وصف الباري، عز وجل، به لأنه قد احتجب عن خلقه في الفانية فلا يراه إلا عباده المؤمنون في دار كرامته.
وقد حمل جمهور أهل العلم الرؤية التي وقعت للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في المعراج على: "رؤية القلب" لا "العين"، فقيدت روايات الخبر المطلقة عن ابن عباس، رضي الله عنهما، بالروايات المقيدة برؤية الفؤاد، وقد ثبتت، أيضا، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وحمل المطلق على المقيد، عند اتحاد الحكم، مسلك معروف عند الأصوليين، فزال التعارض الظاهري بين هذه الأخبار، فضلا عن زوال التعارض بينها وبين رواية عائشة، رضي الله عنها، التي نفت فيها الرؤية، فحمل نفيها على: رؤية العين، وحمل إثبات ابن عباس على: رؤية الفؤاد، فزال الخلاف، كما تقدم، وعلى فرض بقاءه، فإنه من الخلاف السائغ الذي لا يضلل فيه المخالف ولا ينكر عليه، لأنه خلاف في مسألة علمية فرعية، لا أصل كلي، وإن كان الراجح ما تقدم.
فلا يلتفت إلى أقوال بعض المبتدعة الذين هولوا من شأن هذا الخلاف، وغيره من الخلافات الفرعية التي وقعت بين الصحابة، رضوان الله عليهم، ليتوصلوا بذلك إلى إبطال فهم سلف الأمة لنصوص الشريعة بدعوى وقوع الخلاف بينهم، لأنها، كما تقدم، خلافات فرعية، فلم يختلف الصدر الأول، رضوان الله عليهم، في أصل كلي في الدين سواء أكان علميا أم عمليا وكانت القرون الثلاثة المفضلة، إجمالا، متحدة الأصول، وإن خالف بعض أهل البدع الذين ظهروا بعد وقوع الفتنة، فخلافهم غير معتبر، أصلا، وليس لأحدهم قدم لسان صدق في الآخرين، فرؤوس البدع التي أطلت في عهد السلف: شذاذ من شذاذ الآفاق، غلب على كثير منهم الجهل وعجمة اللسان، ولم يجترئ، أصحاب البدع المغلظة، كالجهمية نفاة الصفات، على الظهور في عهد الصحابة، رضي الله عنهم، لأنه كانوا مقموعين، فلم يظهروا إلا في نهاية الدولة الأموية، على التفصيل المعروف في كتب الفرق والمقالات
وعودة لاسم اللطيف بعد هذا الاستطراد العارض:
فالله، عز وجل، لطيف بعباده رفيق بهم، قريب منهم، يلطف بعباده:
لطفا عاما: فيرزق كل العباد: مؤمنهم وكافرهم، وفي التنزيل: (اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ)، فأتبع اللطف الرزق، فهو لكل العباد، وإن جحدوا منته وفضله جل وعلا.
ولطفا خاصا: بعباده المؤمنين فينصرهم على عدوهم إن التزموا سننه الشرعية، ويمحصهم بالابتلاء ليرفع درجاتهم، ويدخلهم الجنة برحمته يوم التناد.
وهذا اللطف تفضل منه، جل وعلا، ومنة، فليس بواجب عليه كما ذهب إلى ذلك المعتزلة ومن شايعهم من أهل البدع الذين ورثوا هذا القول المحدث عن أسلافهم المعتزلة، وعدوه إلى إيجاب اللطف الخاص على الله، جل وعلا، بإرسال الرسل لهداية البشر، واللطف العام بوجوب تنصيب أئمة بعد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والصحيح في هاتين المسألتين:
أن الله، عز وجل، لا يوجب أحد من خلقه عليه شيئا، وإنما هو الذي يكتب على نفسه إذا شاء ما شاء، وفي التنزيل: (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ)، فلم يكتبها ولم يوجبها أحد عليه، وإنما كتبها، عز وجل، على نفسه، تفضلا منه على عباده.
وأما إرسال الرسل فهو جائز في حق الباري، عز وجل، فلا يجب عليه شيء على التفصيل المتقدم.
وأما تنصيب الأئمة فهو واجب على الأمة حفظا للدين، وسياسة للدنيا به، فلا تجب على الله، عز وجل، طردا للأصل المتقدم الذكر.
¥