وهو، عز وجل، لطيف بعباده يعلم ما تكن صدورهم وتخفيه، فيحصي عليهم ما قدمت أيديهم، وما ربك بظلام للعبيد.
ومن مباحث هذا الاسم الكريم:
مبحث جواز دعاء: (اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكني أسألك اللطف فيه).
فيلزم قبل ذلك التمهيد ببيان: أنواع المرتبة الثانية من مراتب القدر: الكتابة، فلها: خمسة أنواع:
الكتابة الأزلية: وهي المذكورة في حديث ابن عمرو، رضي الله عنهما، مرفوعا: (كَتَبَ اللَّهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ قَالَ وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ).
والكتابة الميثاقية: وهي المذكورة في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ).
فهذان النوعان لا يقبلان المحو أو التغيير.
والكتابة العمرية: وهي التي يكتبها الملك عند نفخ الروح، بعد مضي: 120 يوما على خلق الجنين في بطن أمه، فيؤمر بكتب أربع كلمات: عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ، كما في حديث عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، عن الصادق المصدوق، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
والكتابة السنوية: وتكون في ليلة القدر، فيكتب فيها أسماء من يحج، ومن يموت ....... إلخ في هذه السنة، مصداقا لقوله تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ)، فالأمر الثاني هو الأمر الكوني الذي يكون الله، عز وجل، به الكائنات، ويخلق به: حركات وأفعال العباد.
والكتابة اليومية: وهي سوق المقادير إلى آجالها الذي قدرها الله، عز وجل، من الأزل، فهي تأويل أقدار الله، عز وجل، بمقدوراتها.
والثلاثة الأخيرة: العمرية والسنوية واليومية، تكون معلقة غير مبرمة في الصحف التي تحملها الملائكة، ففيها على سبيل المثال: عمر فلان معلقا على صلة رحمه، فإن وصله فسيزاد في عمره كذا، وإن قطعه فلن يزاد في عمره كذا، وإن كان الأمر مبرما في اللوح المحفوظ الذي لا اطلاع لأحد من الخلق على ما فيه، ولو كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلا، ففلان سيصل أو سيقطع، وسيعيش كذا وكذا من السنين: قولا واحدا، فالقضاء في اللوح المحفوظ: مبرم غير معلق.
وعليه فإن الدعاء بسؤال اللطف في القضاء، يصح إن تعلق بالأنواع الثلاثة الأخيرة، لأنها مما يقبل المحو والتغيير، وعليه حمل قوله تعالى: (يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ)، فيمحو الله ما يشاء مما يقبل المحو مما في أيدي الملائكة من القضاء المعلق، وحمله بعض العلماء على: النسخ، فكل شريعة لاحقة ناسخة لما تقدمها، بل قد يقع النسخ للحكم في الشريعة الواحدة، على التفصيل المعروف في كتب الأصول، وكلا المعنيين صحيح.
ومع:
25_ الخبير:
فهو في اللغة: صيغة مبالغة: فعيل من خبر يخبر خبرا، فالخبير أخص من العليم، إذ الخبرة: علم وزيادة، فالخبير بالشيء من علمه وقام بمعالجته وبيانه وتجربته وامتحانه فأحاط بتفاصيله الدقيقة وألم بكيفية وصفه على الحقيقة.
فالله، عز وجل، عليم خبير بعباده، وما يصلح معاشهم ومعادهم، لذا كان شرعه أكمل من أي شرعة أرضية، بل لا وجه للمقارنة أصلا، لأن الصانع أعلم بصنعته، والخالق أعلم بما يصلح خلقه، فعجبا لمن استبدل شرائع بشر يأكلون الطعام ويحدثون الحدث، قد امتلأت بطونهم بما قد علم، بشرع الخبير بمكامن صلاح وفساد النفوس، الذي شرع لها من الأوامر ما يزكيها، ومن النواهي ما يردعها، (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[مهاجر]ــــــــ[04 - 10 - 2007, 06:21 م]ـ
السلام عليكم
عذرا أيها الكرام على هذا التأخير نظرا لانقطاع الاتصال خلال الأيام الماضية لخلل حدث في الشركة التي تمد الحي بهذه الخدمة، وأغلب الظن، أن المشاركات ستمتد بعد رمضان، إن شاء الله، لصعوبة استكمالها في باقي أيام الشهر الكريم.
¥