سواه مخلوق، والتسوية بين الخالق والمخلوق من جهة الزوجية: تسوية بين مختلفين تأباها الفطر النقية والعقول السليمة إلا على مذهب النصارى الذين جوزوا تجسد الإله الذي لا تحيط بعلمه العقول في جسد بشري تحمله أنثى، تسعة أشهر، ثم تلده كما تلد النساء، وترضعه كما يرضع الصبيان، وتفطمه فيتغذى كما يتغذى سائر البشر، فيثقل بدنه، ويصيبه من عوارض النقص البشري الذي جبلت عليه الأجساد ما يصيبه، فينام ويحدث و ........... إلخ، وقد شايعهم طوائف من هذه الأمة ممن قالوا بالحلول والاتحاد بنوعيهما: العام في كل المخلوقات، والخاص في مخلوق بعينه!!!!، والحمد لله على نعمة الإسلام والفطرة السوية والعقل السليم.
فانتفى المعلول: "الولد" بانتفاء علته: "الصاحبة"، فلا إله إلا من استغنى عن كل ما سواه فتحققت له معاني الربوبية المطلقة، فاستحق بذلك: إفراده بالألوهية.
ووترية الباري، عز وجل، وترية: ذات وصفات، فكما أنه، عز وجل، وتر في ذاته، فهو وتر في صفاته، فليس كمثله شيء، كما تقدم مرارا، في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، ومن جهة أخرى: أحوال عباده شفع فهم مترددون بين: إيمان وكفر، وطاعة ومعصية، وعز وذل، وغنى وفقر، .......... إلخ، بينما صفاته لا تتبدل ولا تتغير، فله الكمال الأزلي المطلق، لم يكتسب كمالا كان معطلا عنه، ولا يعتري صفات قدسه نقص، فتجري عليه الأغيار كما تجري على خلقه.
والوتر يدل بدلالة اللزوم على صفات الأحدية والسيادة والصمدية، فكل ما تفرد به الباري، عز وجل، فاسم الوتر دال عليه دلالة لزوم، سواء أكان من الصفات التي لا يشترك غيره معه فيها، ولو من جهة أصل المعنى، أو من الصفات التي يشترك غيره معه فيها من جهة أصل المعنى، فله، جل وعلا، منها الكمال المطلق، كما سبقت الإشارة إلى ذلك في مواضع عدة.
والشاهد: أن قياس الوتر الفرد على غيره من المخلوقات من جهة: الزوجية: قياس مع الفارق، فالخلق لا صلاح لهم إلا بالتزاوج، فكل ذكر لابد له من أنثى يسكن إليها، وكل أنثى لابد لها من ذكر تسكن إليه، بل الإلكترون سالب الشحنة مفتقر إلى البروتون موجب الشحنة ليحصل له الاستقرار في مداره، بينما الكون لا صلاح له إلا برب معبود وتر فرد لا شريك له.
ومع:
27_ الجميل:
وهو، أيضا، من الأسماء التي قد تبدو للوهلة الأولى، جديدة على سمع القارئ، وقد استدل له الشيخ المؤلف، حفظه الله، بحديث ابن مسعود، رضي الله عنه مرفوعا: (لَا يَدْخُلُ النَّارَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ إِيمَانٍ وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ كِبْرٍ فَقَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي لَيُعْجِبُنِي أَنْ يَكُونَ ثَوْبِي غَسِيلًا وَرَأْسِي دَهِينًا وَشِرَاكُ نَعْلِي جَدِيدًا وَذَكَرَ أَشْيَاءَ حَتَّى ذَكَرَ عِلَاقَةَ سَوْطِهِ أَفَمِنْ الْكِبْرِ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لَا ذَاكَ الْجَمَالُ إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ وَلَكِنَّ الْكِبْرَ مَنْ سَفِهَ الْحَقَّ وَازْدَرَى النَّاسَ)، والحديث عند أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه، والطبراني في معجمه الكبير.
وجمال الله، عز وجل، جمال مطلق، فهو: جمال ذات وصفات وأفعال وأسماء، يقول ابن عباس، رضي الله عنهما: (حجب الذات بالصفات، وحجب الصفات بالأفعال، فما ظنك بأوصاف الكمال، وستر بنعوت العظمة والجلال).
فالله، عز وجل، هو الذي خلق يوسف، صلى الله عليه وسلم، وآتاه شطر الحسن، وهو الذي خلق حواء: أجمل النساء، والجمال: كمال مطلق، ثبت للباري، عز وجل، بدليل صحيح صريح، فإجراء قياس الأولى هنا، أيضا، جائز:
من جهة أن كل كمال مطلق قد ثبت للمخلوق فالخالق أولى بأعلى مراتبه على وجه يليق بجلاله لا يشترك فيه مع المخلوق في كيفية.
ومن جهة كونه، عز وجل، خالق هذا الجمال، فهو أولى بالاتصاف به.
¥