تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

والستير، عز وجل، هو الذي من شأنه حب الستر والصون والعفاف، فهو، عز وجل، يحب الستر على عباده، لا يفضح عبده من أول مرة، بل يستره ويغفر له ذنوبه، ما لم يجاهر، فكل أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم معافون إلا المجاهرين، مصداقا لحديث أبي هريرة وأبي قتادة الأنصاري، رضي الله عنهما، مرفوعا: (كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ وَإِنَّ مِنْ الْمُجَاهَرَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ فَيَقُولَ يَا فُلَانُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ)، فلا حرمة لهم، وقد فضحوا أنفسهم بأنفسهم، فغرهم ستر الباري، عز وجل، حتى اجترؤوا على كشف ما ستره، بل والتباهي بما اقترفوه من موبقات.

والستر يأتي بمعنى المنع والإبعاد عن الشيء، فالستير، عز وجل، هو الذي يمنع أوليائه من أعدائه، فينصرهم عليهم، فهم في منعة ما التزموا سنته الشرعية، وإلا جرت عليهم سنته الكونية التي لا تحابي أحدا.

ومع:

30_ الكبير:

فقد ورد هذا الاسم مقترنا بـ: "المتعال" في قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ)، ففي الآية اسم مقيد وهو: "عالم الغيب"، واسمان مطلقان وهما: "الكبير" و "المتعال".

والكبير في اللغة: صيغة مبالغة على وزن "فعيل" من: كبر يكبر كبرا فهو: كبير، وضده الصغير، وهما من الأسماء المتضايفة التي تقال باعتبار بعضها إلى بعض، فالشيء قد يكون كبيرا باعتبار، صغيرا باعتبار، فيكون كبيرا في جنب ما هو أصغر منه، وصغيرا في جنب ما هو أكبر منه، ويستعمل الوصفان في: الكميات المتصلة كالكثير والقليل والمنفصلة كالعدد.

والكبر يكون في اتساع الذات وعظمة الصفات، فيكون الكبير كبيرا باعتبار: كبر ذاته، وكمال صفاته.

والله، عز وجل، هو الكبير الذي لا أكبر ولا أعظم من ذاته القدسية وصفاته العلية، فهو الذي: (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)، وجاء في وصف الكرسي أنه: كالمرقاة إلى العرش بين يديه.

وعند ابن جرير، رحمه الله، من حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، موقوفا: (ما السموات السبع، والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم).

وهو الذي اتصف بصفات الكمال المطلق غير المتناهي، فلا منتهى لذاته، مع كونه بائنا عن خلقه غير حال في ذواتهم، ولا منتهى لعظمة صفاته، فلا تحده العقول، ولا تدركه الأبصار، وإن كانت تراه في الجنة.

وهو الكبير في أسمائه: له الأسماء الحسنى التي لا منتهى لحسنها.

وهو الكبير في أفعاله: فلا تصدر إلا عن كمال علمه وحكمته.

فله الكبر المطلق في كل كمال وصف به نفسه أو وصفه به رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو استأثر به في علم الغيب عنده.

ومع:

31_ المتعال:

فقد ورد في التنزيل: في قوله تعالى: (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ).

وفي السنة: عند أحمد، رحمه الله، في مسند ابن عمر، رضي الله عنهما، وفيه: ( ............ يَقُولُ اللَّهُ أَنَا الْجَبَّارُ أَنَا الْمُتَكَبِّرُ أَنَا الْمَلِكُ أَنَا الْمُتَعَالِي .................. ).

والمتعال لغة: اسم فاعل من: "تعالى"، وهو أبلغ من "علا"، في الدلالة على العلو، وإن اشتركا في أصل المعنى، لأن زيادة المبنى تدل على زيادة المعنى، كما سبقت الإشارة إلى ذلك، فضلا عن أن الزيادة في الفعل: "تعالى" تدل على تفرده، عز وجل، بهذه الصفة، فالتاء في "تعالى" كالتاء في "تكبر" تدل على تفرده، عز وجل، بهذه الصفات على الوجه اللائق بجلاله.

والمتعالي، سبحانه، هو القاهر لخلقه بقدرته التامة، وأغلب المفسرين جعلوا هذا الاسم دالا على علو القهر، وهو أحد معاني العلو الثلاثة: الذات والشأن والقهر، يقول ابن كثير رحمه الله: (المتعال على كل شيء قد أحاط بكل شيء علما وقهر كل شيء فخضعت له الرقاب ودان له العباد طوعا وكرها).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير