تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[12 - 10 - 2007, 08:58 ص]ـ

ومع:

40_ العلي:

فالعلي في اللغة: فعيل بمعنى: فاعل، صفة مشبهة للموصوف بالعلو، فعله: علا يعلو علوا، وهو ليس كـ: "المتعال"، في قوة دلالته على العلو، لأن "العلي": من الثلاثي "علا"، و "المتعال" من: "تعالى"، و مبنى الثاني زائد على مبنى الأول، فلزم منه زيادة المعنى، وهو تفرد المتعال بالعلو، فهو: علي وزيادة، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

والعلي يدل على أنواع العلو الثلاثة:

علو الذات، وعلو الشأن، وعلو القهر، وهو يتوجه أول ما يتوجه إلى علو الذات والفوقية، فهو علي على خلقه علوا عاما قبل أن يخلق العرش ويعلو عليه علوا خاصا يليق بجلاله عز وجل.

ولم تخالف الطوائف المنتسبة للإسلام في: علو الشأن، وعلو القهر، وإنما وقع الخلاف في علو الذات، لأن منكريه ظنوا أن من لوازم إثباته: تحيز الباري، عز وجل، في جهة أو مكان محدود، وهو سبحانه وتعالى، لا تحده الحدود، ولا تدرك كنه ذاته العقول، وافتقاره إلى العرش الذي استوى وعلا عليه، وأنه محدود به ......... إلخ، من لوازم قياس التمثيل وقياس الشمول الفاسدين، اللذين أوقعا من أجراهما على الباري، عز وجل، في تشبيه الخالق، جل وعلا، بالمخلوق، فعلوه على عرشه، كعلو ملوك الدنيا على عروشهم التي تقلهم، فهم مفتقرون إليها، افتقار الجالس إلى ما يجلس عليه، وعلوه عليه، يلزم منه أن العرش يحد ذاته القدسية، كما تحد عروش ملوك الدنيا ذواتهم .................. إلخ.

وأصل هذه المسألة الجليلة هو أدلة العلو التي بلغت حد التواتر، وأخصها بمحل النزاع: حديث الجارية، ففيه نص على السؤال عن الله، عز وجل، بـ: "أين"، وقد حسم النبي صلى الله عليه وسلم النزاع بإقراره الجارية على قولها: في السماء، فلا يتصور أنها عنت السماء الزرقاء المخلوقة التي نشاهدها، إذ لا يعقل أن المخلوق يحد خالقه، تعالى الله، عز وجل، عن ذلك علوا كبيرا، وإنما قصدت العلو المطلق، فالعرب تطلق لفظ: "سماء" على كل ما علا الإنسان، كالسماء المعروفة، والسحاب، وفي حديث زيد بن خالد الجهني، رضي الله عنه، في صلح الحديبية: (صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالْحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَتْ مِنْ اللَّيْلَةِ)، أي: مطر، والمطر لا ينزل إلا من السحاب، فأطلق الكل: المحل: السماء، وأراد الحال: السحاب فهو حال فيها، عند من يقول بالمجاز، وسقف الدار ............... إلخ، فالمعنى الكلي المشترك بينها: مطلق العلو، وعلو كل شيء بحسبه، فعلو السقف غير علو السحاب غير علو السماء غير علو الباري عز وجل، فكل مقيد بمقيده، فعلو الباري، عز وجل، علو مطلق، على جميع الكائنات، قد تعالى عن أن تحده جهة مخلوقة، فهو مستو على العرش: سقف المخلوقات، فما فوقه عدم بالنسبة للمخلوقات، إذ ما ثم إلا الخالق، عز وجل، فكيف يتصور عاقل أن إثبات العلو لله، عز وجل، يلزم منه إحاطة الجهة المخلوقة بذاته القدسية؟!!!

وأما لفظ: الجهة والمكان ............... إلخ من الألفاظ المجملة التي لم يأت بها النص السمعي، فإن الواجب على المكلف أن يتوقف فيها: إثباتا ونفيا فلا يثبت أو ينفي إلا بعد أن يعرف مراد قائلها، مع أن الأولى في هذا الباب: الالتزام بألفاظ الوحي ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، لأنه غيب محض، فلا يرجع فيه إلا إلى نص الشارع، عز وجل، أو نص نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لأنه المبلغ عن ربه، فمن أثبت الجهة يقال له:

ماذا تقصد بالجهة: هل تقصد الجهة المخلوقة التي نراها: فهذا باطل لأن المخلوق لا يحد الخالق، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

أم تقصد الجهة غير المخلوقة، التي هي: العلو المطلق، الذي هو صفة من الصفات الذاتية المعنوية الثابتة لله، عز وجل، وصفاته، جل وعلا، غير مخلوقة، لأنها فرع عن ذاته القدسية، وذاته غير مخلوقة، فكذا صفاته، وقد علم بداهة أنه ما ثم إلا خالق ومخلوق، فلابد من التمايز بينهما، فكيف يسوى بينهما بادعاء أن بعض صفات الخالق، عز وجل، كصفات المخلوقين: مخلوقة؟!!!!!

وكذا يقال لمن نفاها:

ماذا تقصد بنفي الجهة:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير