تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأما المدح فإنه يباين الحمد من جهة أنه يكون على الأمور الاختيارية كـ: محاسن الأخلاق، والجبلية كـ: جمال الوجه وقوة البدن ........... إلخ مما لا دخل للإنسان في اكتسابه، وإنما هو محض تفضل من الخالق عز وجل، بينما يقتصر الحمد على الأمور الاختيارية فقط.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[15 - 10 - 2007, 05:56 م]ـ

ومع:

43_ الحليم:

فالحليم في اللغة: صفة مشبهة على وزن "فعيل" للموصوف بالحلم، والحلم: هو الأناة وعدم العجلة في معالجة الأمور.

وخلاصة المعاني في تفسير الحليم أنه الذي لا يعجل بالعقوبة والانتقام، ولا يحبس عن عباده بذنوبهم: الفضل والإنعام، بل يرزق العاصي كما يرزق المطيع، وإن كان بينهما تفاضل على مقتضى الحكمة، وهو ذو الصفح مع المقدرة على العقاب.

وبقيت نكتة لطيفة عن الفرق بين "الحليم" و "الصبور":

فكلاهما لا يعاجل العاصي بالعقوبة، ولكن الاسم الأول يدل على صبر، سبق في علم الله، عز وجل، الأزلي، أن الكافر أو العاصي فيه سيتوب ويصلح، بينما الاسم الثاني يدل على صبر، سبق في علم الله، عز وجل، الأزلي، أن الكافر أو العاصي فيه، لن يتوب أبدا، فصار صبره، عز وجل، عليه من باب الإملاء والاستدراج، مصداق قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182) وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ)، فصبر الباري، عز وجل، على أمثال عكرمة وصفوان وأبي سفيان، رضي الله عنهم، وغيرهم ممن تأخر إسلامهم من: "الحليم"، وصبره على أمثال فرعون وهامان وقارون، وأبي جهل، وأمية بن خلف، وأبي بن خلف، وعقبة بن أبي معيط، وغيرهم من الطواغيت من: "الصبور".

وقد ورد اقتران هذا الاسم بـ: "الغني" في قوله تعالى: (وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ)، و "العليم" في قوله تعالى: (وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ)، لأن الفقير مظنة الضعف، والضعيف حليم شاء أم أبى، لأنه لا يملك عقوبة من يظلمه أو يتعدى على حقه، والعلم لازم للحلم، على التفصيل السابق، فعلم الله، عز وجل، الأزلي هو الذي يفصل في مسألة إمهاله، عز وجل، للعصاة، هل هو: إمهال حلم م إمهال صبر؟.

واقترن أيضا بـ: "الغفور" في قوله تعالى: (وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)، وهذا واضح بلا إشكال، لأن من مقتضيات الحلم: غفران الذنوب وسترها.

والحلم من صفات الأفعال المتعلقة بمشيئة الله، عز وجل، ويقال فيها كما يقال في غيرها من صفات الأفعال: قديمة النوع حادثة الأفراد، فقد اتصف الباري، عز وجل، بنوعها أزلا وأبدا، اتصافا تعجز عقولنا عن إدراك كيفيته وإن لم تعجز عن إدراك معناه، وأما آحاده فحادثة، بمعنى أنها: متجددة، لا مخلوقة كأفعال آحاد البشر، فالحدوث يطلق على التجدد، وإن لم يكن الفعل مخلوقا، وحدوثها تبع لوجود سببها، فإذا ما عصى عاص ترجى توبته، حلم الله، عز وجل، عليه، حلما يليق بجلاله، لأنه علم من الأزل أنه سيؤوب، وتعلق هذا الحلم بمشيئته، عز وجل، أن يحلم على عبده فلان حين ارتكابه المعصية.

والحليم من صفات الجمال التي لا يكون الكمال إلا باقترانها بصفات الجلال، فلا ينبغي للعاصي أن يغتر بحلم الله، عز وجل، وستره، فالذي وصف نفسه بأنه حليم، هو الذي وصف نفسه بأنه عزيز ذو انتقام، فيلزمه استحضار كلا النوعين: فيستحضر صفات الجمال لئلا ييأس من رحمة الله، عز وجل، ويستحضر صفات الجلال لئلا يغتر بحلم الله، عز وجل، فيسرف على نفسه متعللا بحسن الظن بالله، عز وجل، وسعة رحمته، وعظيم مغفرته وستره، ولو أحسن الظن لأحسن العمل، كما قال الحسن البصري رحمه الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير