تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومناسبة ذكره بعد "القريب" واضحة، فقد سبق أن من أنواع القرب الثابتة للباري، عز وجل، قرب الإجابة، فهو قريب الإجابة لمن دعاه ما لم يتعجل، بل إنه يجيب أنواعا من الدعاء، وإن كان الداعي كافرا، وعند الترمذي بإسناد حسن: ( .................... وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ يَرْفَعُهَا اللَّهُ فَوْقَ الْغَمَامِ وَيَفْتَحُ لَهَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَيَقُولُ الرَّبُّ وَعِزَّتِي لَأَنْصُرَنَّكِ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ)، فدعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، كما في حديث بعث معاذ، رضي الله عنه، إلى اليمن.

والمجيب في اللغة: اسم فاعل من أجاب الرباعي، فيكون اسم الفاعل منه: مضموم الأول مكسور ما قبل الآخر.

والإجابة على ضربين:

إجابة النائل بالمال، وإجابة السائل بالعلم، فالأولى: مادية، والثانية: معنوية.

وكلا الضربين ثابت في حق الله، عز وجل، فهو الذي يجيب النائل والمضطر، فيغني من فقر ويكشف السوء عن المضطر، وفي التنزيل: (أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)، فهو الذي بيده مقاليد الأمور، يعافي من البلاء، ويرفع من الضعة، ويطعم من جوع، ويسقي من ظمأ، وكل هذا من تمام ربوبيته، عز وجل، وتمام الربوبية يقتضي تمام الألوهية، ولهذا أتبعها بقوله: (أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ)، إذ كيف تثبت معاني الربوبية له، ويعبد غيره من آلهة الباطل التي وصفها بقوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ).

وهو الذي علم من جهل، فأرسل الرسل، عليهم الصلاة والسلام، وأنزل الكتب، واصطفى بني آدم، فاختصهم بنعمة العقل والفهم، وما عُبد الله، عز وجل، بنافلة بعد الفريضة، أعظم من طلب العلم، وعند أحمد وابن ماجه من حديث صفوان بن عسال رضي الله عنه: (مَا مِنْ خَارِجٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إِلَّا وَضَعَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ أَجْنِحَتَهَا رِضًا بِمَا يَصْنَعُ)، فهذه إجابة السائل بالعلم.

والعلم خير زاد في سفر الهجرة إلى الله، عز وجل، فاستكثر منه قدر استطاعتك فإن الزاد شحيح والصاحب عزيز!!.

وشرط إجابة الدعاء: صدق الإيمان والولاء، فالله، عز وجل، حكيم في إجابته، قد يعجل أو يؤجل تبعا لحال السائل والسؤال، فقد تكون المصلحة في تأخير الإجابة، أو حتى عدمها بالمرة، فيدخرها الله، عز وجل، للداعي فيرى أثرها في يوم تعز فيه الحسنات، أو يرد الله، عز وجل، بدعائه قدرا نازلا من السماء، وعند الترمذي من حديث سلمان، رضي الله عنه، مرفوعا: (لَا يَرُدُّ الْقَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ وَلَا يَزِيدُ فِي الْعُمْرِ إِلَّا الْبِرُّ)، والقضاء الذي يرده الدعاء هو: القضاء المعلق في الصحف التي بأيدي الملائكة لا القضاء المبرم في اللوح المحفوظ، فلا سبيل لتبديله، كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

وإجابة الدعاء من صفات الله، عز وجل، الفعلية التي تتعلق بمشيئته.

ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 11 - 2007, 03:06 م]ـ

ومع:

54_ الغفور:

وهو في اللغة: صيغة مبالغة: على وزن "فعول" التي تدل على الكثرة والقوة في الفعل، فالله، عز وجل، يغفر لعبده، إن تاب وأناب، وإن تكرر منه الذنب، ومغفرته عامة لا استثناء فيها في دار العمل: الدنيا، وعليه حمل قوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)، وهي خاصة في دار الجزاء بمن مات ومعه أصل الإيمان، فلا ينالها كافر أو مشرك، حكم الله، عز وجل، عليه بالخلود في النار، عدلا منه، جل وعلا، وعليه حمل قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير