تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[مهاجر]ــــــــ[16 - 11 - 2007, 07:02 م]ـ

ومع:

56_ الولي:

فالولي في اللغة: صيغة مبالغة من اسم الفاعل: "الوالي" من: ولي يلي ولاية، والولي هو الذي يلي غيره بحيث يكون قريبا منه بلا فاصل، وهو كـ: "المولى": مشترك لفظي يدل على عدة معان في نفس الوقت على سبيل البدل، فيطلق على: الوالد، والناصر، والحاكم، والسيد ................ إلخ.

وولاية الله عز وجل لعباده على وجهين:

الوجه الأول: الولاية العامة، وهي حاصلة للعباد كلهم، مؤمنهم وكافرهم، فالله، عز وجل، هو الذي يتولى تدبير شؤونهم، فيخلقهم، ويرزقهم، ويزوجهم، ويقبض أرواحهم .................. إلخ، بكلماته الكونيات، وفي التنزيل: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، فلا تقتصر ولايته العامة على المكلفين فقط، وإنما هي ولاية عامة لا تخرج عنها ذرة من ذرات هذا الكون.

والوجه الثاني: الولاية الخاصة، وهي لا تكون إلا للمؤمنين الذين التزموا بمقتضى كلماته الشرعيات: افعل ولا تفعل، فاستحقوا هذه الولاية الخاصة، ولاية الحفظ والتدبير والنصرة والتأييد، ومن دعاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (يا ولي الإسلام وأهله مسكني بالإسلام حتى ألقاك عليه)، والحديث عند الطبراني في الأوسط من حديث أنس، رضي الله عنه، وقد صححه الشيخ الألباني، رحمه الله، في "السلسلة الصحيحة"، فالمؤمن تجتمع فيه الولايتان: الكونية والشرعية، فتجري عليه كلمات الباري، عز وجل، بنوعيها: الكونيات والشرعيات، بينما الكافر تجري عليه: الكلمات الكونيات دون الشرعيات لأنه أعرض عن الذكر، فاكتفى بحياة الجسد البهيمية، مصداق قوله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ).

والفرق بين اسمي: "الولي" و "المولى"، أن "الولي" قد دل في أغلب النصوص على الولاية العامة، بينما "المولى" قد دل على الولاية الخاصة.

ومع:

57_ الحميد:

فالحميد في اللغة: صيغة مبالغة على وزن: "فعيل" بمعنى: "مفعول": محمود، من حمد يحمد حمدا.

والحمد نقيض الذم، فهو بمعنى: الشكر والثناء، وهو المكافأة على العمل.

والحمد أعم من الشكر، فبينهما عموم وخصوص مطلق، فكل شكر حمد ولا عكس.لأن الحمد يكون حال النعمة والنقمة، بينما الشكر لا يكون إلا حال النعمة.

وفي المقابل: الشكر أعم من الحمد من جهة كونه: بالقلب واللسان والجوارح، بينما الحمد لا يكون إلا بالقلب واللسان، فتكون دائرة الشكر أوسع من دائرة الحمد بهذا الاعتبار.

وأما الحمد مع المدح، فهو كالشكر مع الحمد، فبينهما، أيضا، عموم وخصوص مطلق، فكل مدح حمد، ولا عكس، لأن المدح يكون على الأمور الجبلية غير الاختيارية والأمور الاختيارية، فيمدح فلان على وسامته وقسامته ويمدح على كرمه وجوده، بينما الحمد لا يكون إلا على الأمور الاختيارية.

يقول الراغب الأصفهاني رحمه الله: (الحمد أخص من المدح وأعم من الشكر، فإن المدح يقال فيما يكون من الإنسان باختياره، وما يقال منه وفيه بالتسخير، فقد يمدح الإنسان بطول قامته وصباحة وجهه، كما يمدح ببذل ماله وسخائه وعلمه، والحمد يكون في الثاني دون الأول، والشكر لا يقال إلا في مقابلة نعمة، فكل شكر حمد، وليس كل حمد شكرا، وكل حمد مدح، وليس كل مدح حمدا، ويقال فلان محمود إذا حُمِد، ومحمد إذا كثرت خصاله المحمودة). اهـ

فمحمد أبلغ من محمود من جهة أن جذر محمد: حمد الرباعي: بتضعيف الميم، بينما جذر محمود: حمد الثلاثي، وزيادة المبنى تدل على زيادة المعنى كما سبقت الإشارة إلى ذلك في أكثر من موضع.

والحميد قسيم المجيد، فبالحمد والمجد يكون الكمال، لأنه مركب من: جمال الحمد وجلال المجد.

والله، عز وجل، هو المحمود لذاته، فكل ما سواه إنما يمدح لغيره، فحمد نفسه، عز وجل، في كتابه: (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)، وحمده عباده بما علمهم من محامده: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ)، وحمده نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في الدنيا، بما علمه، ويوم القيامة بمحامد استأثر بها في علم الغيب عنده فلا يطلع نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم عليها إلا في موقف الشفاعة تشريفا له وبيانا لعلو منزلته وتقدمه على أولي العزم عليهم الصلاة والسلام، وفي حديث الشفاعة: (فَأَحْمَدُهُ بِمَحَامِدَ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ الْآنَ يُلْهِمُنِيهِ اللَّهُ).

ومن تمام حمده: تنزيهه عن كل نقص وعيب، فلا ولد له ولا والد، ولا شريك له في ملكه، ولا ولي له من الذل، فهو الكبير المتعال، مصداق قوله تعالى: (وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا).

والحميد يدل على صفة ذات معنوية قائمة بذات الباري، عز وجل، قيام الصفة بالموصوف، فلا تنفك عنها أبدا.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير