ـ[طه تركي محمود]ــــــــ[17 - 11 - 2007, 02:52 م]ـ
أشكرك أخي مهاجر على هذه الدرر .. واللهَ اسأل أن يحفظك من كل سوء إنه نعم الجيب
ـ[مهاجر]ــــــــ[19 - 11 - 2007, 02:48 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي طه، وحفظك وحفظ أهلنا في العراق الحبيب من كل سوء إنه نعم المجيب.
58_ الحفيظ:
فالحفيظ: صيغة مبالغة من: حفظ يحفظ حفظا.
وللحفظ معان منها:
صيانة الشيء من التلف والضياع.
ويستعمل في حفظ العلم وضبط مسائله، فيقال: فلان: حافظ، وهو لقب اشتهر إطلاقه على القراء والمحدثين، والقوم: حفاظ، وللقرطبي، رحمه الله، مصنف باسم: "تذكرة الحفاظ" ترجم فيه للعديد من الحفاظ.
والمعنيان ثابتان لله، عز وجل، فهو:
حفيظ لعباده: كونا، بإجراء الأرزاق وتيسير الأقوات، وشرعا، بإنزال الكتب وإرسال الرسل، فذاك للأبدان، وهذا للأرواح.
وهو حفيظ عليهم يحصي عليهم أعمالهم، وفي التنزيل: (إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ).
وقد ذكر الغزالي، رحمه الله، أن الحفظ على وجهين:
الوجه الأول: إدامة وجود الموجودات وإبقاؤها ويضاده العدم.
والوجه الثاني: صيانة المتقابلات المتضادات بعضها عن بعض، فلا يطغى أحدها على الآخر، فالماء والنار متقابلان، قد حفظ الله، عز وجل، التوازن بينهما، فلا يطغى أحدهما على الآخر، لحاجة الخلائق كلهم لكليهما.
ومثله التوازن الدقيق في السلاسل الغذائية، فالكائنات الضعيفة تتكاثر بمعدل أعلى من تكاثر الكائنات القوية، لتحافظ على بقائها، بإذن الله، عز وجل، الكوني، حتى في عالم البشر، فمعدل المواليد في الدول الفقيرة أعلى منه في الدول الغنية، لأن ضيق العيش وسوء الخدمات الصحية في البلاد الفقيرة يتسبب، بإذن الله الكوني، في وفاة العديد من المواليد، فاقتضى ذلك، بحكمة الباري عز وجل، زيادة المواليد في مقابل ذلك، في توازن عجيب.
والحيوان يتغذى على النبات ثم يموت فيتحلل إلى مواد عضوية أولية يستفيد منها النبات في نموه، فكأن الحيوان سبب لبقاء النبات، كما أن النبات سبب لبقائه.
وقد فطر الله، عز وجل، هذا الكون على سنن كونية بديعة، تجعل المتأمل فيها يلهج بالتسبيح، فسبحان من هذا خلقه.
والحفظ من صفات الله، عز وجل، الذاتية المعنوية، باعتبار قيامه بذات الله، عز وجل، والفعلية باعتبار تعلقه بمشيئته جل وعلا.
59_ المجيد:
فالمجيد في اللغة: من صيغ المبالغة: فعيل من: مجد، يمجد، تمجيدا، والمجيد هو: الكريم الفعال، وقيل: إذا قارن شرف الذات حسن الفعال سمي: مجدا، فالمجد صفة للذات والصفات معا، فالله، عز وجل، له من المجد نوعاه:
مجد الذات: فذاته أكمل الذوات، لا تشبهها ذات من الذوات، فلا تفتقر إلى غيرها في إيجاد أو إمداد، بل هي أزلية أبدية، يفتقر ما سواها إليها في الإيجاد والإمداد، فكل حياة هو واهبها، وكل سبب بقاء هو خالقه، فلا يعقل أن يفتقر الخالق الكامل الصمد، جل وعلا، للمخلوق الناقص الفاني.
ومجد الصفات: فصفته أكمل الصفات، ليس كمثلها صفة، لا ند له ولا نظير، ولا مثيل له ولا شبيه، قد أعيى الخلائق إدراك كنه صفاته، فلا يعلم كيف هي إلا هو، وإنما عرفنا منها ما امتن علينا به من معاني الكمال التي دلت عليه ألفاظها، فالاستواء معلوم، والكيف مجهول، ومن الله البيان، وعلى الرسول البلاغ، وأمرنا لنسلم لرب العالمين.
وللمجيد جذران لغويان:
مجد: اللازم، فهو دال على: المجد: وهو صفة ذاتية معنوية تثبت لله، عز وجل، على الوجه اللائق بجلاله.
ومجد: بتشديد الجيم، المتعدي، فهو دال التمجيد: وهو صفة فعلية تتعلق بمشيئة الله، عز وجل، على الوجه اللائق بجلاله.
ومن حديث ابن عمر، رضي الله عنه، مرفوعا: (قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ
{وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ}
¥