والشهود هو: الحضور مع الرؤية والمشاهدة، كما في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه: (صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا الصُّبْحَ فَقَالَ أَشَاهِدٌ فُلَانٌ قَالُوا لَا قَالَ أَشَاهِدٌ فُلَانٌ قَالُوا لَا قَالَ إِنَّ هَاتَيْنِ الصَّلَاتَيْنِ أَثْقَلُ الصَّلَوَاتِ عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَلَوْ تَعْلَمُونَ مَا فِيهِمَا لَأَتَيْتُمُوهُمَا وَلَوْ حَبْوًا عَلَى الرُّكَبِ وَإِنَّ الصَّفَّ الْأَوَّلَ عَلَى مِثْلِ صَفِّ الْمَلَائِكَةِ وَلَوْ عَلِمْتُمْ مَا فَضِيلَتُهُ لَابْتَدَرْتُمُوهُ وَإِنَّ صَلَاةَ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَثُرَ فَهُوَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى)، والحديث عند أبي داود في سننه، والبيهقي في الكبرى، وابن حبان وابن خزيمة، رحمهما الله، في صحيحيهما.
والشهادة تأتي بمعنى الإخبار بما شاهده، فيقال: شهد فلان على فلان بكذا وكذا، أي: أخبر عنه بأنه فعل كذا وكذا، كما في حديث أبي بكرة، رضي الله عنه، مرفوعا: (أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ أَلَا وَقَوْلُ الزُّورِ وَشَهَادَةُ الزُّورِ فَمَا زَالَ يَقُولُهَا حَتَّى قُلْتُ لَا يَسْكُتُ).
والشهادة قسيم الغيب، فالشهادة: ما أدركه الحس، والغيب: ما غاب عن الحس، وإن كان كلاهما موجودا، فليست الشهادة قسيم العدم، لأن العدم ليس بشيء أصلا ليدركه الحس.
والشهادة تأتي بمعنى: الحكم، فيقال: شهد فلان على فلان بالعدالة أو الفسق، ومنه حديث خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ أُمَّ الْعَلَاءِ امْرَأَةً مِنْ الْأَنْصَارِ بَايَعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ اقْتَسَمُوا الْمُهَاجِرِينَ قُرْعَةً قَالَتْ فَطَارَ لَنَا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ وَأَنْزَلْنَاهُ فِي أَبْيَاتِنَا فَوَجِعَ وَجَعَهُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ فَلَمَّا تُوُفِّيَ غُسِّلَ وَكُفِّنَ فِي أَثْوَابِهِ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ أَبَا السَّائِبِ فَشَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ فَقُلْتُ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَّا هُوَ فَوَاللَّهِ لَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ وَ وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَاذَا يُفْعَلُ بِي فَقَالَتْ وَاللَّهِ لَا أُزَكِّي بَعْدَهُ أَحَدًا أَبَدًا
والشهيد، عز وجل، هو الرقيب على خلقه أينما كانوا وحيثما كانوا، يحصي عليهم أفعالهم، فيجازيهم عليها، فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا.
والشهيد هو الذي شهد لنفسه، وشهد له الملائكة وأولوا العلم بالوحدانية، مصداق قوله تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
واسم الشهيد إن كان بمعنى الرقيب المطلع فهو دال على صفة ذاتية معنوية.
وإن كان بمعنى الشاهد الذي شهد لنفسه ولغيره، فهو من صفات الأفعال المتعلقة بمشيئة الله عز وجل.
والله أعلى وأعلم.
يتبع إن شاء الله.
ـ[جلمود]ــــــــ[23 - 11 - 2007, 03:48 م]ـ
أخي مهاجر سلام الله عليكم،
جزاك الله خيرا وبارك فيك على هذا المجهود وهذا العمل الجليل،
وكما قال العلماء فإن الموضوع يشرف بشرف موضوعه،
وما أشرف موضوعك!
كنت قد دعوتُك للمشاركة هنا ( http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?p=189214#post189214) ،
فليتك تلبي الدعوة!
والسلام!
ـ[مهاجر]ــــــــ[30 - 11 - 2007, 03:50 ص]ـ
¥