تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

انْضِمَامِ أَسْبَابٍ أُخَرَ إليه، وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ صَرْفِ الْمَوَانِعِ وَالْمُعَارِضَاتِ عنه، حتى يَحْصُلَ الْمَقْصُودُ، فَكُلُّ سَبَبٍ فله شَرِيكٌ، وله ضِدٌّ، فَإِنْ لَمْ يُعَاوِنْه شَرِيكُه، وَلَمْ يَنْصَرِفْ عنه ضِدُّه - لَمْ تَحْصُلْ مَشِيئَة.

وَالْمَطَرُ وَحْدَه لَا يُنْبِتُ النَّبَاتَ إِلَّا بِمَا يَنْضَمُّ إليه مِنَ الْهَوَاءِ وَالتُّرَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ الزَّرْعُ لَا يَتِمُّ حتى تُصْرَفَ عنه الْآفَاتُ الْمُفْسِدَة له، وَالطَّعَامُ وَالشَّرَابُ لَا يُغَذِّي إِلَّا بِمَا جُعِلَ في الْبَدَنِ مِنَ الْأَعْضَاءِ وَالْقُوَى، وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ إِنْ لَمْ تُصْرَفْ عنه الْمُفَسِدَاتُ.

وَالْمَخْلُوقُ الذي يُعْطِيكَ أَوْ يَنْصُرُكَ، فَهُوَ - مَعَ أَنَّ الله يَجْعَلُ فيه الْإِرَادَة وَالْقُوَّة وَالْفِعْلَ -: فَلَا يَتِمُّ مَا يَفْعَلُه إِلَّا بِأَسْبَابٍ كثيرة، خَارِجَة عَنْ قُدْرَتِه، تُعَاوِنُه على مَطْلُوبِه، وَلَوْ كَانَ مَلِكًا مُطَاعًا، وَلَا بُدَّ أَنْ يُصْرَفَ عَنِ الْأَسْبَابِ الْمُتَعَاوِنَة مَا يُعَارِضُهَا وَيُمَانِعُهَا، فَلَا يَتِمُّ الْمَطْلُوبُ إِلَّا بِوُجُودِ الْمُقْتَضِي وَعَدَمِ الْمَانِعِ.

وَكُلُّ سَبَبٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّمَا هُوَ جُزْءٌ مِنَ الْمُقْتَضِي، فَلَيْسَ في الْوُجُودِ شَيْءٌ وَاحِدٌ هُوَ مُقْتَضٍ تَامٌّ، وَإِنْ سُمِّي مُقْتَضِيًا، وَسُمِّي سَائِرُ مَا يُعِينُه شُرُوطًا - فَهَذَا نِزَاعٌ لَفْظِي. وَأَمَّا أَنْ يَكُونَ في الْمَخْلُوقَاتِ عِلَّة تَامَّة تَسْتَلْزِمُ مَعْلُولَهَا فَهَذَا بَاطِلٌ.

وَمَنْ عَرَفَ هَذَا حَقَّ الْمَعْرِفَة انْفَتَحَ له بَابُ تَوْحِيدِ الله، وَعَلِمَ أنه لَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُسْأَلَ غيره، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُعْبَدَ غيره، وَلَا يُتَوَكَّلَ على غيره، وَلَا يُرْجَى غيره". اهـ

"شرح الطحاوية"، ص353، 354.

والله أعلى وأعلم.

يتبع إن شاء الله.

ـ[مهاجر]ــــــــ[10 - 01 - 2008, 12:26 ص]ـ

ومع:

74 _ القادر:فالقادر في اللغة: اسم فاعل من: قدر، يقدر فهو: قادر.

والتقدير في اللغة على معان منها:

أولا: الروية والتفكير في تسوية الأمر.

ثانيا: تقديره بعلامات يقطعه عليها.

ثالثا: أن تنوي أمرا بعقدك، فتقول: قدرت أمر كذا وكذا، أي: نويته وعقدت عليه.

وسبقت الإشارة إلى أن اسم الله عز وجل: القادر يتعلق بالمرتبة الأولى من مراتب القدر: مرتبة العلم الأزلي، أو: العلم الأول الذي قدر فيه الباري، عز وجل، كل شيء قبل تكوينه بكلمته التكوينية: كن، وسبقت الإشارة إلى أنه علم مؤثر في تقدير الكائنات وبرئها وبَدْعَها، وهو: علم مفقود، لا مطمع في إدراكه، ومقابله: العلم الموجود: علم الشريعة، علم التكليف، علم: افعل ولا تفعل، الذي يتعلق به الثواب والعقاب، وهو الذي أُمِرنا بتحصيله، وحمل النفس على العمل به، وتبليغه، والصبر على الأذى في سبيل ذلك.

يقول الطحاوي رحمه الله: "العلم علمان: علم في الخلق موجود، وعلم في الخلق مفقود، فإنكار العلم الموجود كفر، وادعاء العلم المفقود كفر، ولا يثبت الإيمان إلا بقبول العلم الموجود، وترك طلب العلم المفقود". اهـ

ومع:

75_ الخلاق:

فالخلاق: صيغة مبالغة على وزن: فعال من اسم الفاعل: الخالق، فعله: خلق، يخلق، خلقا.

والفرق بين: الخالق والخلاق:

أن الخالق هو الذي ينشئ الشيء من العدم بتقدير وعلم، فالخلق يأتي بمعنى: التقدير، وإن لم يخرج المخلوق المقدر من حيز العدم إلى حيز الوجود، يقول الشيخ الشنقيطي رحمه الله:

قوله تعالى: {هُوَ الذي خَلَقَ لَكُمْ مَّا فِي الأرض جَمِيعاً ثُمَّ استوى إِلَى السماء}.

ظاهره أن ما في الأرض جميعاً خلق بالفعل قبل السماء، ولكنه بين في موضع آخر أن المراد بخلقه قبل السماء، تقديره. والعرب تسمي التقدير خلقاً كقول زهير:

ولأنت تفري ما خلقت وبعض ******* القوم يخلق ثم لا يفري

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير