ـ[مهاجر]ــــــــ[27 - 03 - 2008, 09:59 ص]ـ
عذرا على هذا الانقطاع، أيها الكرام، لتجدد بعض المشكلات في خدمة الشبكة عندنا في الحي:
ومع:
91_ الغفار:
فالغفار: صيغة مبالغة من: "غفر" الثلاثي على وزن: "فعال"، وهي تدل على كثرة وقوع آحاد الفعل بغض النظر عن قدره، فالمبالغة في القدر تكون بـ: "فعول"، فيقال: فلان أكال، إذا كان يأكل مرات عديدة بغض النظر عن قدر المأكول، ويقال: فلان أكول، إذا كان قدر أكله كبيرا، وإن لم يأكل إلا مرة واحدة.
فالغفار: هو الذي يغفر لعبده، كلما أخطأ فاستغفر، والعبد كثير الخطأ، فيتكرر منه الاستغفار، وتكرر مغفرة الباري، عز وجل، تبع له.
والغفور: هو الذي يغفر الذنب، وإن عظم، وفي التنزيل: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا)، وهذا في الآخرة.
وأما في الدنيا: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).
وقد أشار مؤلف البحث، الشيخ الدكتور: محمود عبد الرازق حفظه الله وسدده، إلى أن الاستغفار على نوعين:
استغفار عام: وهو الاستغفار الذي يزيل أثر الخواطر السيئة، وإن لم يؤاخذ بها الإنسان مصداق قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ)، ولكنها لا تخلو من نوع تقصير، فلها وإن ندرت أثر سيء في قلب الإنسان، يتطلب استغفارا مزيلا له، فيعود القلب نقيا كما كان، فضلا عن أن الإنسان قد يسترسل معها، فتصير عزما جازما بعد أن كانت خاطرة عابرة، فيؤاخذ بها الإنسان، فالخاطرة العابرة أول العزم الجازم، فكان الاستغفار في الأولى من باب: سد ذرائع الثانية، فيقطع الإنسان الطريق على الشيطان، بالمبادرة إلى الاستغفار.
يقول ابن القيم رحمه الله: "دافع الخطرة، فإن لم تفعل صارت شهوة وهمة، فإن لم تدافعها صارت فعلاً، فإن لم تتداركه بضده صار عادة، فيصعب عليك الانتقال عنها". اهـ
واستغفار خاص: وهو الاستغفار الحاصل بعد الوقوع في الذنب، وهو الغالب على أحوال العباد، بخلاف الأول الذي يغفل عنه كثير منهم.
وبين الاستغفار والتوبة: اقتران وافتراق، فإذا افترقا اجتمعا، فدل كل منهما على نفسه أصالة، وعلى الآخر نيابة، وإن اجتمعا افترقا، فدل الاستغفار على ما مضى، ودلت التوبة على ما يستقبل من الأمر، فالاستغفار: محو لذنب مضى، والتوبة: احتراز عن ذنب قد يقع.
واسم الله، عز وجل، "الغفار" يدل على صفة المغفرة، باعتبار آحادها، وهي صفة فعل تتعلق بمشيئة الله، عز وجل، فتتكرر بتكرر مغفرة الله، عز وجل، لعباده، وما أكثر تكرارها.
ومع:
92_ الرءوف:
فقد ورد في آيات كثيرة منها:
قوله تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ)
فأكد الأمر بعدة مؤكدات تتناسب مع المقام، لأن من خاف بطلان عمله السابق، بورود الناسخ، كما خاف القوم بطلان صلاة من مات منهم، قبل تغيير القبلة، يحتاج إلى مزيد اطمئنان، فناسب أن تتعدد المؤكدات لتزيل هذا الخوف فتحل محله الطمأنينة، فمن ذلك:
التوكيد بـ: "إن"، واسمية الجملة، واللام المزحلقة في: "لرءوف"، وتقديم المعمول: "بالناس" على عامله: "رءوف رحيم"، فأصل الكلام: رءوف رحيم بالناس، وقد تقرر أن تقديم ما حقه التأخير من أساليب الحصر والتوكيد.
وقد أشار الشيخ مؤلف البحث، حفظه الله وسدده، إلى لطيفة تتعلق بتقديم: "الرءوف" على: "الرحيم"، فالرأفة هي الرحمة الشديدة، فهي رحمة وزيادة، فلا تتعلق إلا بالمؤمنين، ينما الرحمة أعم منها، فهي تشمل المؤمن والكافر، بل وغير العاقل، فذكر الرأفة قبل الرحمة من باب: ذكر الخاص قبل العام، لأن الرأفة نوع من الرحمة، كما تقدم، فكل رأفة رحمة ولا عكس، وتقدم أن الكلام في الآية السابقة في حق المؤمنين، فناسب أن يقدم ما اخْتُصوا به على ما عمهم وغيرهم.
¥