ـ[مهاجر]ــــــــ[09 - 05 - 2008, 04:19 م]ـ
ومع آخر الأسماء التي ناقشها البحث:
99_ الإله:
فقد ورد في عدة نصوص منها:
قوله تعالى: (وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)
فأسند إليه وصف الوحدانية الذي وُصِف به الخبر الموطئ: "إله"، فليس المقصود إثبات الألوهية، لأن المبتدأ: "المسند إليه" يدل بمادته على معنى الألوهية فإسناد نفس المعنى إليه تكرار لا مسوغ له، فصار محل الفائدة: وصف: "واحد" الذي وصف به الخبر، وصار الخبر موطئا لما بعده، كما في قوله تعالى: (بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ)، فالخبر: "قوم": موطئ لما بعده، فليس المقصود الإخبار عنهم بأنهم: قوم، فهذا أمر مستقر في ذهن السامع، وإنما المقصود وصفهم بالإسراف الذي يدل عليه اسم الفاعل المشتق: "مسرفون"، والخبر: وصف في المعنى، فلزم أن يدل على وصف، إما بنفسه، وإما بغيره، فيكون موطئا ممهدا لما بعده.
يقول ابن هشام رحمه الله:
"وإن كان الخبر مثلاً غير مقصود لذاته قيل: خبر موطِّئ، ليعلم أن المقصود ما بعده كقوله تعالى: (بلْ أنتم قومٌ تجهلون)، (فالمقصود وصفهم بالجهالة لا أنهم قوم فهذا أمر لا يحتاج إلى ذكر)، وقوله:
كفى بجسمي نحولاً أنني رجلٌ ******* لولا مخاطبتي إيّاكَ لمْ ترني
(والبيت لأبي الطيب، فليس مقصوده: الإخبار عن نفسه بأنه رجل، فهذا أمر يدركه المخاطب، وإنما مقصوده: الإخبار عن نحافته الشديدة، فلولا صوته لما رآه مخاطبه!!!!).
ولهذا أعيد الضمير بعد قوم ورجل إلى ما قبلهما، لا إليهما، (فلم يرجع الضمير إلى أقرب مذكور، وهذا خلاف الأصل، مراعاة للمعنى، فاللفظ تابع له لا العكس)، ومثله الحال الموطِّئة في نحو: (إنا أنزلناهُ قرآناً عربياً)، (فالحال كالخبر: وصف في المعنى، فليس المقصود وصفه بأنه قرآن، فهذا أمر يدركه السامع، وإنما المقصود بيان كونه عربيا معجزا بنظمه).
بتصرف واسع من "مغني اللبيب"، (2/ 324).
وورد أيضا في: قوله تعالى: (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
فـ: "إله" نكرة في سياق النفي، فتفيد بدلالة الظاهر: عموم نفي إله غير الله، عز وجل، فلما دخلت عليها: "من" التي تفيد التنصيص على العموم، صارت نصا لا يحتمل غيره في نفي أي إله غير الله، عز وجل، ولابد من تقدير محذوف يقتضيه السياق، فالواقع يشهد بأن كثيرا من المعبودات قد اتخذت آلهة من دون الله، سواء أكانت راضية أم ساخطة.
يقول ابن منظور رحمه الله:
"الإلَهُ الله عز وجل وكل ما اتخذ من دونه معبوداً إلَهٌ عند متخذه والجمع آلِهَةٌ والآلِهَةُ الأَصنام سموا بذلك لاعتقادهم أَن العبادة تَحُقُّ لها وأَسماؤُهم تَتْبَعُ اعتقاداتهم لا ما عليه الشيء في نفسه". اهـ
"لسان العرب"، مادة: "أله".
فيكون تقدير الكلام: وما من إله حق إلا الله، أو: وما من إله معبود بحق إلا الله، وهذا ما اصطلح الأصوليون على تسميته بـ: "دلالة الاقتضاء"، كما في:
قوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، أي: فأفطر فعليه صيام عدة من أيام أخر.
وقوله تعالى: (وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ)، أي: فحلق فعليه فدية من صيام أو صدقة أو نسك.
وقوله تعالى: (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا)، أي: فضرب فانبجست.
¥