تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الله، ومحبا لما سوى ذلك وعالما أنه كلام الله ومصدقا به على سبيل الإجمال لا على سبيل التفصيل فهذا القول لا شك أسهل وأيسر وهو الراجح من ناحية الاستدلال، لكن مع هذا لا نهمل الأقوال الأخرى ولا نعتدي على أقوال أهل العلم، فلهذا لا بد أن يعلم كل إنسان أن من واجباته العينية أن يتعلم جزءا من العربية يفهم به معنى شهادة أن لا إله إلا الله ويقيم به حروف الفاتحة، ويقيم به حروف ألفاظ التعبدات في الصلاة وغيرها من الواجبات العينية، فهذا القدر لا خلاف في وجوبه، المرتبة الثانية هي ما يتعلق بفروض الكفايات من العربية، فقد افترض الله على المسلمين تعلم علوم العربية فرض كفاية إذا قام به من يحصل به إقامة الحجة على الناس كفى ذلك، وهذا داخل في عموم قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ} فلا يمكن أن يكون الإنسان شاهدا لله إذا لم يكن فاهما لما يشهد به، لأن العلم شرط في الشهادة لقول الله تعالى: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} ولقوله تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}، وفي حديث ابن عباس الذي أخرجه البيهقي في السنن بإسناد فيه ضعف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أترى الشمس إذا طلعت؟ » قال: نعم، قال: «على مثلها فاشهد أو دع»، ومن هنا فلا يمكن أن يشهد الشاهد بما لا يعلمه ولا يفهمه، لا بد أن يكون الإنسان فاهما لما يشهد به حتى تقبل شهادته على ذلك، والله تعالى جعل هذه الأمة شهداء على الناس كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} ولا يمكن أن تتم الشهادة على الناس إذا كنت لا تفهم ما تشهد به، والناس لم تجد وسيلة للاطلاع على أحوالهم وما كذبوا به أنبياءهم إلا القرآن، والقرآن بلسان عربي مبين، فإذا لم تفهم هذا فلا يمكن أن تكون شاهدا على الناس، إذا جاء نوح يوم القيامة يخاصمه قومه فقالوا: ما جاءنا من بشير ولا نذير، فقال: بلى قد مكثت فيكم ألف سنة إلا خمسين عاما، فيقال: من يشهد لك؟ فيقول: محمد وأمته، إذا كنت أنت لا تفهم الآيات التي جاءت في قصة نوح فلا يمكن أن تكون من الشهداء على هذا لأن الشهادة من شرطها العلم، وفروض الكفاية في اللغة العربية هي بتعلم علومها الأساسية، وعلومها الأساسية هي أربعة عشر علما داخلة كلها في فروض الكفاية، إذا لم يكن في الأمة من يعلمها حصل الإثم على أفرادها جميعا، وإذا كان فيها في كل بلد من يعلم هذه العلوم بقدر رد الشبهات وإجابة الأسئلة المتعلقة بالقرآن والسنة سقط الإثم عن الجميع وفرض الكفاية قد اختلف العلماء هل هو أفضل أم فرض العين، ولذلك قال السيوطي رحمه الله في الكوكب الساطع:

فرض الكفاية مهم يقصد

وذهب الأستاذ والجويني

وهو على كل رأى الجمهور

فقيل مبهم وقيل عينا

ونظر عن فاعل يجرد

ونجله يفضل فرض العين

والقول بالبعض هو المنصور

وقيل من قام به ووهنا

فعلى هذا هذه العلوم الأربعة عشر لا بد أن يكون في كل حاضرة من حواضر المسلمين من يعرف منها ما يرد به الشبهات ويجيب به الاختلافات التي يوردها الناس على الكتاب والسنة، وهذه العلوم هي علم النحو الذي هو أقدمها وأشرفها، ومرجعه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه فهو واضعه حيث كتب لأبي الأسود الدؤلي رحمه الله كتابه، وكان منطلق هذا العلم، وهذا العلم به إقامة الكلم ومعرفة التركيب كما قال ابن مالك رحمه الله في كافيته:

وبعد فالنحو صلاح الألسنه

والنفس إن تعدم سناه في سنه

فمن لم يعرفه لا يمكن أن يفهم {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ولا أن يفهم \"لا إله إلا الله\" ولذلك من لا يعرف جزئياته ويستطيع إجابة مسائله لا يمكن أن يفتي الناس في كثير من مسائلهم الفقهية، ولذلك حصلت مسألة في تاريخ هذه الأمة عجيبة عرضت على عدد من كبار أهل العلم فأحجم عنها أكثرهم حتى جاء أهل اللغة وهم الذين استطاعوا أن يحلوا إشكالها، وذلك في قول الشاعر:

فأنت طلاق والطلاق عزيمة

ثلاث ومن يخرق أعق وأشأم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير